مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
قائمة التفاسير
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
للَّهِ ما فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٨٤
-البقرة
أضف للمقارنة
تفسير المنار
جعل بعض المفسرين قوله -تعالى-: { لله ما في السماوات وما في الأرض } بمثابة الدليل على ما قبله. وقال الأستاذ الإمام: الآية متصلة بقوله -تعالى-: { ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم }. ويصح أن تكون متممة لها؛ لأن مقتضى كونه عليما بكل شيء أن له كل شيء، فهذا كالدليل على كونه عالما بكل شيء أي أنه عليم به؛ لأنه له وهو خالقه فهو كقوله: { ألا يعلم من خلق } وبهذا الاستدلال يتقرر النهي عن كتم الشهادة وكونه إثما يعاقب عليه، وأكده بقوله: { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } لدخول كتمان الشهادة في عموم ما في النفس (قال) ويصح أن تكون الآية متصلة بآية الدين من أولها؛ لأنه شرع لنا أحكاما تتعلق بالدين كالكتابة والشهادة، فكأنه يقول: إن تساهلتم في هذه الأحكام وأضعتم الحقوق فتظاهرتم بالأمانة مع انطواء النفس على الخيانة وغالطتم الناس وأكلتم أموالهم بذلك أو أضعتموها بكتمان الشهادة ونحو ذلك فإن الله يحاسبكم ويعاقبكم على ذلك؛ لأن له ما في السماوات وما في الأرض، ومنها أنتم وأعمالكم النفسية أو البدنية أقول: وجعلها بعضهم متعلقة بأحكام السورة كلها.
(قال) والمراد بقوله: { ما في أنفسكم } الأشياء الثابتة في أنفسكم وتصدر عنها أعمالكم كالحقد والحسد وألفة المنكرات التي يترتب عليها ترك النهي عن المنكر، فإن السكوت عن النهي أمر كبير يحل الله عقوبته في الأمة بسببه وليس هو مجرد اتفاق السكوت، وإنما هو باعتبار سببه في النفس وهو ألفة المنكر والأنس به وللإنسان عمل اختياري في نفسه هو الذي يحاسب عليه. نعم إن الخواطر والهواجس قد تأتي بغير إرادة الإنسان ولا يكون له فيها تعمد ولكنه إذا مضى معها واسترسل تحسب عليه عملا يجازى عليه؛ لأنه سايرها مختارا وكان يقدر على مطاردتها وجهادها. وسواء كانت هذه الخواطر والهواجس صادرة عن ملكة في النفس تثيرها أو عن شيء لا يدخل في حيز الملكة. مثال ذلك الحسود تبعث ملكة الحسد في نفسه خواطر الانتقام من المحسود والسعي في إزالة نعمته لتمكنها في نفسه وامتلاكها لمنازع فكره، وهذه الخواطر مما يحاسب عليها أبداها أو أخفاها إلا أن يجاهدها ويدافعها فذلك ما يكلفه. ومثال الثاني المظلوم يذكر ظالمه فيشتغل فكره في دفع ظلمه والهرب من أذاه وربما استرسل مع خواطره إلى أن تجره إلى تدبير الحيل للإيقاع به ومقابلة ظلمه بما هو شر منه فيكون مؤاخذا عليها، أبداها أو أخفاها وقد قال تعالى:
{
{ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه }
[المائدة: 78-79] وذلك أن فظاعة المنكر زالت من نفوسهم بالأنس بها من أول الأمر. وهكذا يقال في كل أعمال القلب التي أمرنا الشرع بمجاهدتها ولا يدخل في هذا ما يمر في النفس من الخواطر والوساوس كما قيل، بنوا عليه أن الصحابة -
رضي الله عنه
م - شق عليهم العمل بالآية وشكوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- الوسوسة؛ فنزلت الآية التي بعدها دفعا للحرج. ولفظ الآية يدفع هذا؛ لأنها نص فيما هو ثابت في النفس ومتمكن منها كالأخلاق والملكات والعزائم القوية التي يترتب عليها العمل بأثرها فيها إذا انتفت الموانع وتركت المجاهدة. وكذلك يدفعه ما كان عليه الصحابة الكرام من علو الهمة والأخذ بالعزائم، وهم الذين كانوا يفهمون القرآن حق الفهم ويتأدبون به ويقيمونه كما يجب، وما أبعدهم عن الاسترسال مع الوساوس والأوهام.
هذا ما قاله الأستاذ الإمام مفصلا وهو المتبادر من لفظ الآية، لا شك أن ما يجازى عليه مما في النفس يعم الملكات الفاضلة والمقاصد الشريفة، وإنما مثل هو وغيره بالحقد والحسد لمناسبة السياق، ولهذا السياق خصه بعضهم بكتمان الشهادة، وهو مروي عن ابن عباس وعكرمة والشعبي ومجاهد. ورد ذلك الأكثرون بأنه مخالف لعموم اللفظ، وخصه بعضهم بالكفار وهو تخصيص بلا مخصص أيضا، وذهب الجمهور إلى أن الآية منسوخة بما بعدها. أخرج أحمد ومسلم وأبو داود في ناسخه وغيرهم عن أبي هريرة قال:
"لما نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- { لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } اشتد ذلك على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جثوا على الركب، فقالوا: يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزل الله هذه الآية ولا نطيقها. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير"
فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها
{
{ آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون }
[البقرة: 285] الآية. فلما فعلوا ذلك نسخها الله -تعالى- فأنزل
{
{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }
[البقرة: 286] إلى آخرها. وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي من حديث ابن عباس نحوه. وأخرج البخاري والبيهقي عن مروان الأصفر عن رجل من الصحابة أحسبه ابن عمر وإن تبدوا ما في أنفسكم الآية. قال نسخها ما بعدها، واحتجوا للنسخ بحديث أبي هريرة في الصحيحين والسنن
"إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به"
.
وأقول: ليس في هذه الروايات أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صرح بأن الآية منسوخة وإنما قصاراها أن بعض الصحابة فهم أنها نسخت، والروايات عنهم في ذلك مختلفة والقول بالنسخ ممنوع من وجوه: (أحدها) أن قوله -تعالى-: يحاسبكم به الله خبر، والأخبار لا تنسخ كما هو معروف في علم الأصول.
(ثانيها) أن كسب القلب وعمله مما دل الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس على ثبوته والجزاء عليه، ظهر أثره على الجوارح أم لم يظهر، وهو ما دلت عليه الآية فالقول بنسخها إبطال للشريعة ونسخ للدين كله، أو إثبات لكونه دينا جثمانيا ماديا لا حظ للأرواح والقلوب منه. قال تعالى:
{
{ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم }
[البقرة: 225] وقال:
{
{ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا }
[الإسراء: 36] وقال:
{
{ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون }
[النور: 19] والحب من أعمال القلب الثابتة في النفس. فقوله -تعالى-: ما في أنفسكم معناه ما ثبت واستقر في أنفسكم كما تقدم، ويدخل فيه الكفر والأخلاق الراسخة والصفات الثابتة من الحب والبغض في الجور وكتمان الشهادة وقصد السوء أو سوء القصد وفساد النية وخبث السريرة، وهذه الأعمال والصفات هي الأصل في الشقاوة وعليها مدار الحساب والجزاء، ولولا أن للأعمال البدنية آثارا في النفس تزكيها أو تدسيها، لما آخذ الله -تعالى- في الآخرة أحدا عليها؛ لأنه -تعالى- لا يعاقب الناس حبا في الانتقام ولا يظلم نفسا شيئا، ولكنه جعل سنته في الإنسان أن يرتقي أو يتسفل نفسا وعقلا بالعمل؛ فلهذا كان العمل مجزيا عليه في الآخرة، فإن أثره في النفس هو متعلق الجزاء.
(ثالثها) أن الخواطر السانحة والوساوس العارضة وحديث النفس الذي لا يصل إلى درجة القصد الثابت والعزم الراسخ لا يدخل في مفهوم الآية كما قال المحققون واختاره الأستاذ الإمام كما تقدم؛ لأن ما ذكر غير ثابت ولا مستقر وقوله: { في أنفسكم } يفيد الثبات والاستقرار وإنما كان هذا وجها لإبطال النسخ؛ لأنه إذا ثبت أن ما ذكر داخل في الآية فلقائل أن يقول: إن الآية خبر يفيد النهي عن هذه الخواطر والوساوس في المعنى، فهو من تكليف ما لا يطاق فيجب أن يكون قوله بعده: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ناسخا له؛ وبهذا تعلم أن حديث التجاوز عن حديث النفس لا ينافي الآية ولا يصح دعامة للقول بنسخها.
(رابعها) أن تكليف ما ليس في الوسع ينافي الحكمة الإلهية البالغة والرحمة الربانية السابغة، فهو لم يقع فيقال: إن الآية منه، ونسخت بما بعده.
(خامسها) المعقول في النسخ أن يشرع حكم يوافق مصلحة المكلفين، ثم يأتي زمن أو تطرأ حال يكون ذلك الحكم فيه مخالفا للمصلحة وكون ما في النفس يحاسب عليه من الحقائق التي لا تختلف باختلاف الأزمنة والأحوال.
فإن قيل: إذا كان معنى الآية ما ذكرت، فلماذا قال الصحابة فيها ما قالوا؟
أقول: إن الصحابة عليهم الرضوان قد دخلوا في الإسلام وأكثرهم رجال قد تربوا في حجر الجاهلية، وانطبعت في نفوسهم قبله أخلاقها، وأثرت في قلوبهم عادتها فكانوا يتزكون منها، ويتطهرون من لوثها تدريجا بزيادة الإيمان، كلما نزل شيء من القرآن وباتباع الرسول، فيما يفعل ويقول، فلما نزلت هذه الآية خافوا أن يؤاخذوا على ما كان لا يزال باقيا في أنفسهم من أثر التربية الجاهلية الأولى، وناهيك بما كانوا عليه من الخوف من الله -عز وجل- واعتقاد النقص في أنفسهم حتى بعد كمال التزكية وتمام الطهارة حتى كان مثل عمر بن الخطاب يسأل حذيفة بن اليمان: " هل يجد فيه شيئا من علامات النفاق ". فأخبرهم الله -تعالى- بأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يؤاخذها إلا على ما كلفها، فهم مكلفون بتزكية أنفسهم ومجاهدتها بقدر الاستطاعة والطاقة وطلب العفو عما لا طاقة لهم به، كما سيأتي تفصيله، ولا يبعد أن يكون بعضهم قد خاف أن تدخل الوسوسة والشبهة قبل التمكن من دفعها في عموم الآية، فكان ما بعدها مبينا لغلطهم في ذلك، وأما تسمية بعضهم ذلك نسخا فقد أجاب عنه بعض المفسرين: بأنه عبر بالنسخ عن البيان والإيضاح تجوزا. وذلك أن تقول: إن المراد به النسخ اللغوي وهو الإزالة والتحويل لا الاصطلاحي؛ أي إن الآية الثانية كانت مزيلة لما أخافهم من الأولى أو محولة له إلى وجه آخر، ويحتمل أن يكون الصحابي لم ينطق بلفظ النسخ، وإنما فهمه الراوي من القصة فذكره، وكثيرا ما يروون الأحاديث المرفوعة بالمعنى على أنه ليس من النص المرفوع، ورأي الصحابي ليس بحجة عند الجماهير، لا سيما إذا خالف ظاهره الكتاب، وإنني لا أعتقد صحة سند حديث ولا قول عالم صحابي يخالف ظاهر القرآن، وإن وثقوا رجاله فرب راو يوثق للاغترار بظاهر حاله، وهو سيئ الباطن ولو انتقدت الروايات من جهة فحوى متنها كما تنتقد من جهة سندها لقضت المتون على كثير من الأسانيد بالنقض. وقد قالوا: إن من علامة الحديث الموضوع مخالفته لظاهر القرآن أو القواعد المقررة في الشريعة أو للبرهان العقلي أو للحس والعيان وسائر اليقينيات.
أما إبداء ما في النفس فهو إظهاره بالقول أو بالفعل، وأما إخفاؤه فهو ضده والإبداء والإخفاء سيان عند الله -تعالى-؛ لأنه
{
{ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور }
[غافر: 19] فالمدار في مرضاته على تزكية النفس وطهارة السريرة لا على لوك اللسان وحركات الأبدان، وأما المحاسبة فهي على ظاهرها وإن فسرها بعض بالعلم، وبعض بالجزاء الذي هو غبها ولازمها، ذلك أن للنفوس في اعتقاداتها وملكاتها وعزائمها وإرادتها موازين يعرف بها يوم الدين رجحان الحق والخير أو الباطل والشر هي أدق مما وضع البشر من موازين الأعيان وموازين الأعراض كالحر والبرد
{
{ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين }
[الأنبياء: 47] وسيأتي قول الأستاذ الإمام في الحساب والجزاء.
{ فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } أي فهو بما له من الملك المطلق يغفر لمن يشاء أن يغفر له ويعذب من شاء عذابه. وقرأ غير ابن عامر وعاصم ويعقوب بجزم: (يغفر ويعذب). بالعطف على يحاسبكم وإنما يشاء ما فيه الرحمة والعدل والحكمة، والأصل في العدل أن يكون الجزاء السيئ على قدر الإساءة وتأثيرها في تدسية نفوس المسيئين، والجزاء الحسن على قدر الإحسان وتأثيره في أرواح المحسنين، ولكنه -تعالى- برحمته وفضله يضاعف جزاء الحسنة عشرة أضعاف ويزيد من يشاء ولا يضاعف السيئة، والآيات المفصلة في هذا المعنى كثيرة وبها يفسر المجمل. وقد بينا معنى المغفرة غير مرة بإيضاح، وحسبك هنا أن تعلم أن الذنب المغفور: هو الذي يوفق الله صاحبه لعمل صالح يغلب أثره في النفس، والجاهل بهدي الكتاب يحسب أن الأمر فوضى، والكيل جزاف ويمني نفسه بالمغفرة على إصراره وإقامته على أوزاره، ألم يقرأ في دعاء الملائكة للمؤمنين:
{
{ ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم }
[غافر: 7 - 9] وقال الأستاذ الإمام: شأن الله -تعالى- في المحاسبة أن يذكر الإنسان أو يسأله: لم فعلت؟ فبعد أن يرى العبد أعماله الظاهرة والباطنة يغفر أو يعذب، فمن الناس من لم تصل أعماله المنكرة إلى أن تكون ملكات له فالله -
سبحانه
- يغفرها له، ومنهم من تكون ملكات له فهو يعاقبه عليها وهو يفعل ما يشاء ويختار. وقد يظن من لا يؤمن بالكتاب كله أن في هذا سبيلا للمروق من التكليف؛ لأن أمر المغفرة والتعذيب موكول للمشيئة، والرجاء فيه أكبر وهذا ضلال عن فهم الكتاب بالمرة، فالآية إنذار وتخويف ليس فيها موضع للقطع بمغفرة ذنب ما وإن كان صغيرا، أقول: وقد ذكرني قوله بكلمة لأبي الحسن الشاذلي. قال: " وقد أبهمت الأمر علينا نرجو ونخاف فآمن خوفنا ولا تخيب رجاءنا " وهذا من أحسن الدعاء، وقد قرر ما ذكر من تعليق الأمر بالمشيئة واحتج عليه بقوله: { والله على كل شيء قدير } أي فهو بقدرته ينفذ ما تعلقت به مشيئته، فنسأله العناية والتوفيق والهداية لأقوم طريق.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة