التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
١١
وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ
١٣
-يونس

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَلَوْ يُعَجّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُم بِٱلْخَيْرِ } قال مقاتل: وذلك حين تمنى النضر بن الحارث العذاب فنزل قوله { وَلَوْ يُعَجّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ } يقول لو استجيب لهم في الشر استعجالهم بالخير كما يحبون أن يستجاب لهم في الخير { لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } في الدنيا بالهلاك. وقال مجاهد والضحاك والكلبي ولو يعجل الله للناس الشر. يعني العقوبة إذا دعا على نفسه وولده وعلى صاحبته مثل أخزاك الله ولعنك الله. كما يعجل لهم الخير إذا دعوه بالرحمة والرزق والعافية لماتوا وهلكوا. وقال القتبي: هذا من (الإِضمار) ومعناه ولو يعجل الله للناس الشر. يعني إجابتهم بالشر. استعجالهم بالخير. يعني كإِجابتهم بالخير. وإنَّما صار { ٱسْتِعْجَالَهُمْ } نصباً على معنى مثل استعجالهم. قرأ ابن عامر "لَقَضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ" بالنصب يعني لقضى الله أجلهم لأنه اتصل بقوله ولو يعجل الله. وقرأ الباقون "لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ" بالضم على معنى فعل ما لم يسم فاعله ثم قال { فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا } يعني نترك الذين لا يخافون البعث بعد الموت { فِي طُغْيَـٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ } يعني: في ضلالهم يعمهون يعني: يتحيرون ويترددون. قوله: { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ٱلضُّرُّ } يقول إذا مس الكافر ما يكره من المرض والفقر والبلاء { دَعَانَا } يقول: أخلص في الدعاء إلينا { لِجَنبِهِ } يعني وهو مطروح على جنبه إذا اشتد به المرض { أَوْ قَاعِدًا } إذا كانت العلة أهون { أَوْ قَائِماً } إذا بقي فيه أثر العلة. ويقال دعانا في الأحوال كلها مضطجعاً كان أَوْ قَائِماً أَوْ قَاعِداً. { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ } رفعنا عنه بلاءه { مَرَّ } يقول: استمر على ترك الدعاء ونسي الدعاء، ويقال مر في العافية على ما كان عليه قبل أن يبتلى ولم يتعظ بما ناله { كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ } يعني: إلى بلاء أصابه قبل ذلك فلم يشكره. ويقال معناه أمن من أن يصيبه مثل الضر الذي دعا فيه حين مسه { كَذٰلِكَ زُيّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يعني المشركين { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يعني: بالدعاء عند الشدة وترك الدعاء عند الرخاء. قوله { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ } يعني أهلكناهم بالعذاب لما كذبوا الرسل وأقاموا على كفرهم، خوَّف أهل مكة بمثل عذاب الأمم الخالية لكيلا يكذبوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - { وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَاتِ } يعني بالآيات بالأمر والنهي { وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } لم يصدقوا الرسل ولم يرغبوا في الإيمان. ويقال وما كانوا ليصدقوا بنزول العذاب بما كذبوا من قبل يوم الميثاق { كَذٰلِكَ نَجْزِى } يعني نعاقب { ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي الكافرين