التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
٦
وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ
٧
وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ
٨
أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ
٩
وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ
١٠
إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ
١١
-العاديات

بحر العلوم

قال { إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ } فيه جواب القسم أقسم الله تعالى بهذه الأشياء وفيه بين ذكر فضل الغازي وفضل فرس الغازي على تفسير من فسر الآية على الفرس حين أقسم الله تعالى بالتراب الذي يخرج والنار التي تخرج من تحت حوافر فرس الغازي لأنه ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله تعالى.
ومن فسر الآية على الإبل ففي الآية بيان فضل الحاج وفضل دواب الحاج حيث أقسم الله تعالى بالتراب الذي يخرج من تحت أخفاف إبل الحاج والنار التي تخرج منها حيث صارت في أرض الحجارة أن الإنسان لربه لكنود يعني لبخيل قال مقاتل نزلت في قرط بن عبد الله وقال معنى "الكنود" بلسان كندة وبني حضرموت هو العاصي سيده، وبلسان بني كنانة البخيل، ويقال هو الوليد بن المغيرة، ويقال هو أبو حباحب ويقال كان ثلاثة نفر في العرب في عصر واحد أحدهم آية في السخاء وهو حاتم الطائي، والثاني آية في البخل وهو أبو حباحب، والثالث آية في الطمع هو أشعب كان طماعاً وكان من طمعه إذا رأى عروساً تزف إلى موضع جعل يكنس باب داره لكي تدخل داره، وكان إذا رأى إنساناً يحك عنقه فيظن أنه ينزع القميص ليدفعه إليه ويقال "الكنود" الذي يمنع وفده ويجمع أهله ويضرب عبده ويأكل وحده ولا يعبأ للنائرة في قومه أي المصيبة، وقال الحسن الكنود الذي يذكر المصائب وينسى النعم ويقال الكنود الذي لا خير فيه ويقال الأرض التي غلب عليها السبخة ولا يخرج منها البذر أرض كنود قوله تعالى: { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } يعني الله تعالى حفيظ على صنعه عالم به. { وَإِنَّهُ لِحُبّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } يعني الإنسان على جمع المال حريص، وقال القتبي: معناه إنه لحب المال لبخيل، والشدة البخل ها هنا، وقال الزجاج معناه أنه من أجل حب المال لبخيل وهذا موافق لما قال القتبي، ثم قال عز وجل { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى ٱلْقُبُورِ } يعني أفلا يعلم هذا البخيل إذا بعث الناس من قبورهم وعرضوا على الله تعالى بعثر يعني أخرج { وَحُصّلَ مَا فِى ٱلصُّدُورِ } يعني بين ما في القلوب من الخير والشر { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ } يعني عالم بهم وبأعمالهم وبنيَّاتهم، ومن أطاعه في الدنيا ومن عصاه فيها وفي الآية دليل أن الثواب يستوجب على قدر النية ويجري به لأنه قال عز وجل (وحصل ما في الصدور) يعني يحصل له من الثواب بقدر ما كان في قلبه من النية إن نوى بعمله وجه الله تعالى والدار الآخرة يحصل له الثواب على قدره والله أعلم.