التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ
١٦
وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ
١٧
إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ
١٨
وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ
١٩
وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ
٢٠
وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ
٢١
-الحجر

بحر العلوم

{ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى ٱلسَّمَاء بُرُوجاً } أي خلقنا نجوماً. ويقال: هي القصور في السماء. وقال الضحاك وسعيد بن المسيب ومجاهد: هي النجوم { وَزَيَّنَّـٰهَا لِلنَّـٰظِرِينَ } أي: زينا السماء بالكواكب لمن نظر إليها { وَحَفِظْنَـٰهَا } السماء { مِن كُلّ شَيْطَـٰنٍ رَّجِيمٍ } أي مرجوم ويقال ملعون مبعد من الرحمة { إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ } أي: لكن من اختلس السمع خلسة { فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } يعني: لحقه نجم حار متوهج متوقد لا يخطئه الشهاب أن يصيبه، فإما أن يأتي على نفسه أو أن يخبله حتى لا يعود إلى الاستماع إلى السماء. وقال ابن عباس: إن أهل الجاهلية من الكهنة قالوا: لا يكون كاهن إلا ومعه تابع من الجن، فينطلق الشياطين الذين كانوا مع الكهنة فيقعدون من السماء مقاعد السمع ويستمعون إلى ما هو كائن في الأرض من الملائكة فينزلون به على كهنتهم فيقولون إنه قد كان كذا وكذا من الأمر فتفشيه كهنتهم إلى الناس فيتكلمون به قبل أن ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - (من الأنبياء السابقين) فإِذا تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا قد علمنا قبلك. وكانت الشياطين تحجب عن الاستماع في السموات حتى بعث عيسى بن مريم عليه السلام، فلما بعث منعوا من ثلاث سموات وكانوا يصعدون في أربع سماوات فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - منعوا من السموات السبع. وكان الشيطان المارد منهم يصعد ويكون آخر أسفل منه، فإذا استمع قال للذي أسفل منه قد كان من الأمر كذا وكذا، فيهرب الأسفل ويرمي الذي استمع بالشهاب ويأتي الأسفل بالأمر الذي سمع إلى كهنتهم فذلك قوله { إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } ثم قال { وَٱلاْرْضَ مَدَدْنَـٰهَا } يقول: بسطناها على الماء { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوٰسِيَ } أي: الجبال الثوابت لكي لا تتحرك من أمكنتها { وَأَنبَتْنَا فِيهَا } أي: في الجبال { مِن كُلّ شَىْء مَّوْزُونٍ } أي مقسوم معلوم ويقال من كل شيء موزون مما يخرج من الجبال من الحديد والرصاص والفضة والذهب. ويقال: وَأَنْبَتْنَا فِيهَا يعني: الأرض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ يعني: مقداراً معلوماً من الحبوب { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَـٰيِشَ } أي: عيشاً من الزرع والنبات ويقال وأنبتنا فيها أي في الأرض من كل شيء موزون أي معدود من الحبوب وغيره { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرٰزِقِينَ } يعني خلقنا فيها معايشهم ومعايش البهائم والوحوش والطيور. يعني: أنتم لستم ترزقونها وأنا أرزقها. قوله { وَإِن مّن شَىْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } أي: مفاتيح رزقه ويقال: علمه كقوله: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ } [الأنعام: 59] ويقال: يعني خزائن الغيب وهو المطر، { وَمَا نُنَزّلُهُ } أي: المطر { إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } أي: بكيل ووزن معروف. قال ابن عباس أي: يعلمه الخزان إلا يوم الطوفان الذي اغرق الله به قوم نوح فإِنه طغى على خزانه وكثر فلم يحفظوا ما خرج منه يومئذ، خرج أربعين يوماً.