التفاسير

< >
عرض

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ
٤٢
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ
٤٣
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ
٤٤
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
٤٥
ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ
٤٦
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ
٤٧
لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ
٤٨
-الحجر

بحر العلوم

{ إِنَّ عِبَادِى } أي: عبادي الذين لا يطيعونك { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } أي: حجة ولا ملك ولا أسلطك عليهم. كقوله: { { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [النحل: 99] ثم قال: { إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } أي: من أطاعك من الكافرين، ويقال: معناه: إنما نفاذ دعوتك ووسوستك لمن اتبعك من المشركين، ثم بين مصير من اتبعه ومصير من لم يتبعه فقال: { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } أي: لمصير من اتبعه { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ } أي: سبعة منازل { لِكُلّ بَابٍ مّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } أي: لكل منزل صنف ممن يعذب من الكفار على قدر منزلته من الذنب نصيب معروف، أسفلها: هاوية. وهي لآل فرعون ولأصحاب المائدة الذين كفروا بعيسى وللمنافقين والزنادقة، والثانية: لظى وهي منزلة المجوس والثنوية الذين (قالوا بإلهين) والثالثة: سقر وهي منزلة المشركين وعبدة الأوثان والرابعة: الجحيم وهي منزلة اليهود الذين كذبوا الرسل وقتلوا أنبياء الله بغير حق والخامسة: الحطمة وهي منزلة النصارى الذين كذبوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - وقالوا قولاً عظيماً والسادسة: السعير وهي منزلة الصابئين ومن أعرض عن دين الإسلام وخرج منه والسابعة: جهنم وهي أعلى المنازل وعليها ممر الخلق كلهم وهي منزل أهل الكبائر من المسلمين. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح الباب الأول: جهنم والثاني: السعير والثالث: سقر والرابع الجحيم والخامس لظى والسادس الحطمة والسابع الهاوية. وقال بعضهم: جهنم اسم عام يقع على الإدراك كلها. والأول أصح إن جهنم اسم لا يقع على الإدراك. وهكذا روي عن جماعة من الصحابة ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ } أي: الذين يتقون الشرك والفواحش ويتقون إجابة الشيطان في بساتين وعيون طاهرة { ٱدْخُلُوهَا } أي: الجنة { بِسَلامٍ } يعني: مسلمين آمنين ويقال سالمين ناجين من العذاب { ءامِنِينَ } أي: من الموت والخوف وإبليس والعزل والحوادث والآفات والعاقبة والقطيعة والفراق. قوله: { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ } أي: من حسد وعداوة كانت بينهم في الدنيا، ويكونون في الآخرة { إِخْوَانًا } صار نصباً على الحال { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } أي: متزاورين متحدثين. وروى سفيان عن منصور عن إبراهيم أن علياً قال أرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله فيهم { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } وروى ربعي بن خراش قال: قال رجل من همدان فقال: يا أمير المؤمنين الله أعدل من ذلك، فصاح به عليٌ فقال إذا لم نكن نحن فمن هم؟ ثم قال { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ } يقول: لا يصيبهم في الجنة تعب ولا مشقة { وَمَا هُمْ مّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } أي: من الجنة.