التفاسير

< >
عرض

أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
١
يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ
٢
خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٣
-النحل

بحر العلوم

قوله تعالى: { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي يوم القيامة ويقال يعني العذاب كقوله: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } [هود: 40] وقوله: { أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا } [يونس: 24] أي؛ أتى أمر الله يعني: يأتي أي هو قريب لأن ما هو آتٍ آتٍ وهذا وعيد لهم إنها كائنة. وقال ابن عباس لما نزلت هذه الآية { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَـٰبُهُمْ } [الأنبياء: 1] ثم نزلت بعدها { { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [القمر: 1] قالوا يا محمد تزعم أن الساعة قد اقتربت ولا نرى من ذلك شيئاً، فنزل { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي عذاب الله فوثب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً لا يشك أن العذاب قد أتاهم فقال لهم جبريل { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } قال فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد قيامه ثم قال: { سُبْحَـٰنَهُ } نزه نفسه عن الولد والشريك، ويقال: إرتفع وتعاظم عن صفة أهل الكفر فقال عز وجل: { وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } به من الأوثان. قرأ حمزة والكسائي "تُشْرِكُونَ" بالتاء على معنى المخاطبة. وقرأ الباقون بالياء بلفظ المغايبة. وكذلك ما بعده. ثم قال { يُنَزّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ } أي: جبريل { بِٱلْرُّوحِ } أي: بالوحي والنبوة والقرآن { مِنْ أَمْرِهِ } أي: بأمره. قال القتبي: مِنْ توضع موضع الباء كقوله { { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهٍِ } [الرعد: 11] أي بأمر الله وقال ها هنا "يلقي الروح من أمره" أي بأمره { عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } أي: يختار للنبوة والرسالة. وقال قتادة: ينزل الملائكة بالرحمة والوحي على من يشاء من عباده، يعني: من كان أهلاً لذلك. قرأ ابن كثير وأبو عمرو "يُنْزِلُ" بجزم النون من قولك أنْزَلَ يُنْزِلُ. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر "تَنَزَّلُ" بالتاء ونصب النون والزاي مع التشديد على معنى فعل ما لم يسم فاعله. وقرأ الباقون "يُنَزِّلُ" بالياء وكسر الزاي مع التشديد من قولك نَزّلَ يُنَزِّلُ. ثم قال تعالى: { أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ } أي: خوفوا بالقرآن الكفار وأعلموهم أن الله واحد لا شريك له فذلك قوله: { لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } أي: أطيعون ووحدون ثم قال: { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي: للحق ويقال: للزوال والفناء { تَعَالَى } تنزه { عَمَّا يُشْرِكُونَ } به من الأوثان.