التفاسير

< >
عرض

قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ
٢٦
ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ إِنَّ ٱلْخِزْيَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٢٧
ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٨
-النحل

بحر العلوم

ثم قال تعالى: { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي: قد صنع الذين من قبلهم مثل المقتسمين، فأبطل الله كيدهم { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُمْ مّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } أي: قلع بنيانهم من أَساس البيت { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ } أي سقف البيت قال الكلبي: وهو نمروذ بن كنعان بنى صرحاً طوله في السماء خمسة آلاف ذراع (وخمسون ذراعاً) وكان عرضه ثلاثة آلاف ذراع وخمسون ذراعاً فهدم الله بنيانه وخر عليهم السقف من فوقهم فأهلكهم الله. وقال القتبي: هذا مثل أي: أهلك من قبلهم من الكفار كما أهلك من هدم مسكنه من أسفله فخر عليه، ويقال هدم بنيان مكرهم من الأصل فخر عليهم السقف أي: رجع وبال مكرهم إليهم كقوله تعالى: { { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } [فاطر: 43] { وَأَتَـٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي: لا يعلمون. قوله: { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يُخْزِيهِمْ } أي: يعذبهم، وما أصابهم في الدنيا لم يكن كفارة لذنوبهم { وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِىَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تُشَـٰقُّونَ فِيهِمْ } أي: تعادونني وتخالفونني فيهم، يعني: بسببهم وعبادتهم. قرأ نافع "تُشَّاقُّونِ" بكسر النون على معنى الإضافة. والباقون بنصب النون لأنها نون الجماعة { قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } أي: الملائكة ويقال: يعني المؤمنين { إِنَّ ٱلْخِزْىَ ٱلْيَوْمَ } أي العقاب { وَٱلْسُّوءَ } أي: الشدة من العذاب { عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } أي: يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه { ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ } أي: الذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله تعالى { فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ } أي: انقادوا واستسلموا حين رأوا العذاب قالوا: { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ } أي: ما كنا نشرك بالله. وقال الكلبي: هم قوم خرجوا مع المشركين يوم بدر قد تكلموا بالإيمان فلما رأوا قلة "المؤمنين" رجعوا إلى الشرك فقتلوا، ويقال: جميع المشركين. قال الله تعالى: { بَلَىٰ } أشركتم بالله { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } من الشرك.