التفاسير

< >
عرض

رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً
٥٤
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً
٥٥
قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً
٥٦
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً
٥٧
-الإسراء

بحر العلوم

ثم قال: { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } أي أعلم بأحوالكم وما أنتم فيه من أذى المشركين { إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ } فينجيكم من أهل مكة إذا صبرتم على ذلك { أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ } فيسلطهم عليكم إذا جزعتم ولم تصبروا { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } يعني: مسلطاً وهذا قبل أن يؤمر بالقتال، ويقال: { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } أي: ليست المشيئة إليك في الهدى والضلالة ثم قال: { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضِ }، أي: ربك عالم بأهل السموات وأهل الأرض وهو أعلم بصلاح كل واحد منهم. ثم قال: { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ } منهم من فضل الله بالكلام وهو موسى - عليه السلام - ومنهم من اتخذه خليلاً وهو إبراهيم - عليه السلام - ومنهم من رفعه مكاناً علياً وهو إدريس - عليه السلام - ومنهم من اصطفاه وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَءاتَيْنَا دَاوُودُ زَبُوراً } أي: كتاباً. قال مقاتل: الزبور مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم ولا فريضة، إنما ثناء على الله تعالى. قرأ حمزة "زُبُوراً" بضم الزاي. وقرأ الباقون بالنصب وهما لغتان ومعناهما واحد. قوله: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مّن دُونِهِ } قال ابن عباس: إن ناساً من خزاعة كانوا يعبدون الجن وهم يرون أنهم هم الملائكة فقال الله تعالى: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مّن دُونِهِ } يعني: تعبدون من دون الله { فَلاَ يَمْلِكُونَ } لا يقدرون { كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ } يقول: صرف السوء عنكم من الأمراض والبلاء إذا نزل بكم { وَلاَ تَحْوِيلاً } يقول: ولا تحويله إلى غيره ما هو أهون منه ويقال: ولا يحولونه إلى غيرهم. قوله: { أُوْلَـٰئِكَ } يعني: الملائكة { ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } أي: يعبدونهم ويدعونهم آلهة. قرأ ابن مسعود "تَدْعُونَ" بالتاء على معنى المخاطبة { يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ } يقول: يطلبون إلى ربهم القربة والفضيلة والكرامة بالأعمال الصالحة { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } أكرم على الله تعالى وأقرب في الفضيلة والكرامة { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } أي: جنته { وَيَخَـٰفُونَ عَذَابَهُ } أي: ناره { إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا } يعني: لم يكن لأحد أمان من عذاب الله تعالى، ويقال محذوراً أي ينبغي أن يحذر منه. وروى الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود أنه قال كان ناس من الإنس يعبدون قوماً من الجن. فأسلم الجن وبقي الإنس على كفرهم. فأنزل الله { أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } يعني الجن { يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } وروى السدي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال { أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } عيسى وعزيراً والملائكة وما عبد من دون الله وهو لله مطيع.