التفاسير

< >
عرض

وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً
١٤
هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً
١٥
وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً
١٦
وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً
١٧
-الكهف

بحر العلوم

{ وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } أي: حفظنا قلوبهم على الإيمان. وقيل ألهمناهم الصبر حتى ثبتوا على دينهم { إِذْ قَامُواْ } من نومهم ويقال: قاموا بإثبات الحجة ويقال: خرجوا من عند الملك { فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً } أي: لم نقل من دون الله رباً وإن فعلنا { فَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا } أي: كذباً وجوراً ويقال: شططاً أي: علواً يقال: قد أشط إذا علا في القول أي: جاوز الحد { هَـؤُلاء قَوْمُنَا ٱتَّخَذْواْ } أي: عبدوا { مِن دُونِهِ ءالِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَٰنٍ بَيّنٍ } يعني: (هلا يأتون بحجة بينة على عبادة آلهتهم) قوله تعالى: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ } أي: اختلق { عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } أن له شريكاً { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ } يقول بعضهم لبعض: لو تركتموهم وما يعبدون إلا الله يعني: لو تركتم ما يعبدون { وَمَا يَعْبُدُونَ إَلاَّ ٱللَّهَ } ويقال: لو اعتزلتم عبادتهم إلا الله يعني: قولهم الله خالقنا ويقال { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ } هذا قولهم ثم قال حكاية عن قولهم: فقالَ وَمَا يَعْبُدُونَ إَلاَّ اللَّهَ يعني: أَصحاب الكهف { فَأْوُواْ إِلَى ٱلْكَهْفِ } أي: فارجعوا إلى الكهف ويقال: فادخلوا الكهف { يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مّن رَّحْمَتِهِ } أي: يهب لكم ربكم من نعمته ويقال: يبسط لكم من رزقه { وَيُهَيّىء لَكُمْ مّنْ أَمْرِكُمْ مّرْفَقًا } أي: يجعل لكم من أَمركم الذي وقعتم فيه ما يرفق بكم ويصلحكم ويقال: مخرجاً ونجاة { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ } أي: تميل وتنحرف عن كهفهم { ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ } أي: تجاوزهم ويقال: تتركهم وتمر بهم وأصل القرض القطع ومنه سمي المقراض { ذَاتَ ٱلشّمَالِ } أي: شمال الكهف { وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مّنْهُ } أي: في ناحية من الغار ويقال في متسع منه فأخبر أنه بوأهم كهفاً مستقبلاً بنات نعش والشمس تميل عنه وتستدير طالعة وغاربة ولا تدخل عليهم فتؤذيهم ولا يلحقهم سمومها فيغير ألوانهم وأبدانهم وكانوا في متسع منه ينالهم نسيم الريح وينفس عنهم غمة الغار وكربه الغمة الهواء العفن ويجوز الرفع النصب { ذٰلِكَ مِنْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ } أي: ذلك الخبر والذكر ويقال ذلك الذي فعل بهم واختار لهم المكان الموافق من عجائب الله ولطفه وكرمه { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ } أي من يوفقه الله للهدى فهو المهتدي { وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّا مُّرْشِدًا } أي: موفقاً يرشده إلى التوحيد قرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر (مِنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفِقاً) بنصب الميم وكسر الفاء والباقون بكسر الميم ونصب الفاء (مِرْفَقاً) ومعناهما واحد وهو ما يرتفق به وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (تَزَّاوَرُ) بتشديد الزاي مع الألف لأن أصله تتزاور أي: تميل فأدغم وشدد الزاي وقرأ ابن عامر (تَزْورَّ) بجزم الزاي وتشديد الراء ومعنى ذلك كله واحد وهو الميل (ويجوز الرفع والنصب).