التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا
١
قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً
٢
مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً
٣
وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً
٤
مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً
٥
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً
٦
-الكهف

بحر العلوم

قوله تعالى: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } يقول الشكر لله والألوهية لله { ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَـٰبَ } أي أنزل على عبده محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - القرآن { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَاً } أي: لم ينزله متناقضاً { قَيِّماً } بل أنزله مستقيماً ويقال: في الآية تقديم ومعناه الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيماً أي مستقيماً ولم يجعل له عوجاً أي لم ينزله مخالفاً للتوراة والإنجيل قال أهل اللغة: "عوجاً بكسر العين في الأقوال وبنصب العين في الأشخاص" ويقال: في كلامه عوج وفي هذه الخشبة عوج { لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا } أي: لينذركم ببأس شديد كما قال «{ { يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } [آل عمران: 175] أي: بأوليائه وهذا قول القتبي وقال الزجاج: أي: لينذرهم بالعذاب البئيس { مِن لَّدُنْهُ } أي: من قبله ويقال: لينذر بأساً شديداً أي: يخوفهم بالعذاب الشديد بما في القرآن مِنْ لَدُنْه أي: من عنده قرأ عاصم في رواية أبي بكر: "من لدْنه" بجزم الدال وقرأ الباقون بالضم ومعناهما واحد. { وَيُبَشّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بالجنة ثم وصف المؤمنين فقال: { ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } فيما بينهم وبين ربهم ثم بين الذي يبشرهم به فقال: { أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا } في الْجَنَّةِ { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } أي: مقيمين في الثواب والنعيم خالداً مخلداً و "مَّاكِثِينَ" منصوب على الحال في معنى خالدين { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ } أي: يخوف بالقرآن الذين قالوا { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا } وهم المشركون والنصارى { مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ } أي: ليس لهم بذلك القول بيان ولا حجة { وَلاَ لآئَبَائِهِمْ } أي: ولا حجة لآبائهم الذين مضوا فأخبر أنهم أخذوا دينهم من آبائهم بالتقليد لا بالحجة والبيان لأنهم قالوا كان آباؤُنا على هذا { كَبُرَتْ كَلِمَةً } أي: عظمت الكلمة قرأ الحسن بالضم ومعناه عظمت كلمة وهي قولهم: { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا } [البقرة: 116] { تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } فصارت نصباً بالتفسير { إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا } أي: ما يقولون إلا كذباً { فَلَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } أي: قاتل نفسك أسفاً وحزناً { عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِمْ } أي: على أعمالهم { إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } أي: بهذا القرآن أسفاً والأسف المبالغة في الحزن والغضب وهو منصوب لأنه مصدر في موضع الحال.