التفاسير

< >
عرض

فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ
١٣٠
وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
١٣١
-طه

بحر العلوم

{ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } يعني على ما يقول أهل مكة من تكذيبهم إياك { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } يعني صل لربك وبحمد ربك وبأمره قبل طلوع الشمس يعني: صلاة الفجر وقبل غروبها يعني: صلاة العصر ويقال صلاة الظهر والعصر وروى جرير عن عبد الله البجلي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته يعني: لا تزدحمون مأخوذ من الضم أي لا ينضم بعضكم إلى بعض في رؤيته بظهوره كما في رواية الهلال ويروى لا تضامون بالتخفيف وهو الضم أي الظلم: أي: لا يظلم بعضكم في رؤيته بأن يراه البعض دون البعض فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" ثم قرأ هذه الآية { فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } على معنى التأكيد للتكرار { وَمِنْ ءانَاء ٱلَّيْلِ } يعني: ساعات الليل { فَسَبّحْ } يعني صلاة المغرب والعشاء { وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ } يعني: غدوة وعشية { لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } يعني: لعلك تعطى من الشفاعة حتى ترضى قرأ الكسائي وعاصم في رواية أبي بكر "تُرْضَى" بضم التاء على فعل ما لم يسم فاعله والباقون بالنصب يعني: ترضى أنت وقال أبو عبيدة وبالقراءة الأولى نقرأ بالضم لأن فيها معنيين أحدهما ترضى أي تعطى الرضا والأُخرى ترضى أن يرضاك الله وتصديقه قوله تعالى { { وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } [مريم: 55] وليس في الأُخرى وهي القراءة بالنصب إلا وجه واحد ثم قال عز وجل: { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوٰجاً مّنْهُمْ } يعني لا تنظر بالرغبة إلى ما أعطينا رجالاً منهم من الأموال والأولاد { زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } يعني: فإن زينة الدنيا { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } يعني: لنبتليهم بالمال وقلة الشكر { وَرِزْقُ رَبّكَ } أي: جنة ربك { خَيْرٌ } من هذه الزينة التي في الدنيا { وَأَبْقَىٰ } أي: وأدوم قال الفقيه أبو الليثرحمه الله حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن يزيد بن عبد الله عن أبي رافع قال: - نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم - ضيف فبعثني إلى يهودي أن يبيعنا أو يسلفنا إلى أجل فقال اليهودي لا والله إلاَّ بِرَهْنٍ فرجعت إليه فأخبرته فقال: "لو باعني أو أسلفني لقضيته وإني لأمين في السماء وأمين في الأرض اذهب بدرعي الحديدي" فذهبت بها فنزل من بعدي هذه الآية تعزية عن الدنيا { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوٰجاً مّنْهُمْ } إلى آخر الآية.