فقال عز وجل { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } يعني: أي الشيء الذي بيدك وكان عالماً بما في يده ولكن الحكمة في سؤاله لإزالة الوحشة عن موسى لأن موسى كان خائفاً مستوحشاً كرجل دخل على ملك (وهو خائف) فسأله عن أي شيء فتزول بعض الوحشة عنه بذلك ويستأنس بسؤاله وقال بعضهم: إنما سأله تقريراً له أن ما في يده عصاً لكيلا يخاف إذا صار ثعباناً { قَالَ } موسى { قَالَ هِىَ عَصَاىَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْهَا } يعني: أعتمد عليها إذا أعييت { وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِى } يعني: أخبط بها ورق الشجر لغنمي فإن قيل إنما سأله عما في يده ولم يسأله عما يصنع بها فلم أجاب موسى عن شيء لم يسأله عنه قيل له قد قال بعضهم في الآية إضمار يعني (وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي) فقال وما تصنع بها قال (أتوكؤ عليها وأهش بها على غنمي) وقال بعضهم: إنما خاف موسى بذلك لأنه أمره بأن يخلع نعليه فخاف أن يأمره بإلقاء عصاه فجعل يذكر منافع عصاه فقال: (أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي) { وَلِىَ فِيهَا مَأَرِبُ أُخْرَىٰ } يعني: حوائج أُخرى وواحدها مأربة وقال مقاتل كان موسى يحمل زاده على عصاه إذا سار وكان يركزها في الأرض فيخرج الماء وتضيء له بالليل بغير قمر فيهتدي على غنمه وروى أسباط عن السدي قال كانت عصا موسى من عود شجر آس من شجر الجنة وكان استودعها إياه ملك من الملائكة في صورة إنسان يعني عند شعيب وقال علي بن أبي طالب كانت عصى موسى من عود ورد من شجر الجنة اثني عشر ذراعاً من ذراع موسى قوله تعالى: { قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ } يعني: الق عصاك من يدك فظن موسى أنه يأمره بإلقائها على وجه الرفض فلم يجد بداً { فَأَلْقَـٰهَا فَإِذَا هِىَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } يعني تسرح وتسير على بطنها رافعة رأسها فخاف موسى وولى هارباً { قَالَ } الله تعالى لموسى: { خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا ٱلأُولَىٰ } يعني: سنجعلها عصاً كما كانت أول مرة وأصل السيرة الطريقة كما يقال فلان على سيرة فلان أي على طريقته وإنما صار نصباً لنزع الخافض والمعنى سنعيدها إلى حالها الأولى فتناولها موسى فإِذا هي عصاً كما كانت ثم قال عز وجل { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } قال الكلبي: الجناح أسفل الإبط يعني أدخل يدك تحت إبطك { تَخْرُجْ بَيْضَاء } لها شعاع يضي (كضوء) الشمس { مِنْ غَيْرِ سُوء } يعني من غير برص { آيَةً أُخْرَىٰ } يعني علامة أُخرى مع العصا { لِنُرِيَكَ مِنْ ءايَـٰتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } يعني: العظمى ومعناه: لنريك الكبرى من آياتنا ولهذا لم يقل الكبريات لأنه وقع المعنى على واحدة.