التفاسير

< >
عرض

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ
٦٧
قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ
٦٨
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ
٦٩
فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ
٧٠
قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ
٧١
قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ
٧٢
إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
٧٣
-طه

بحر العلوم

{ فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } يعني أضمر في قلبه الخوف وخاف أن لا يظفر به إن صنع القوم مثل ما صنع ويقال خاف من الحيات من جهة الطبع { قُلْنَا لاَ تَخَفْ } يعني - أوْحَى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن لا تخف { إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } يعني الغالب قوله تعالى: { وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ } يعني: اطرح ما في يمينك من العصا { تَلْقَفْ مَا صَنَعُواْ } يعني تلقم ما عملوا { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ } يعني عمل سحر قرأ عاصم في رواية حفص تلقف بالجزم والتخفيف وقرأ ابن كثير في الروايتين تلقف بالنصب والتشديد وضم الفاء وقرأ الباقون بجزم الفاء لأنه جواب الأمر وقرأ حمزة والكسائي كيد سحر بغير ألف وقرأ الباقون كيد ساحر وقال أبو عبيد: بهذا نقرأ لأن إضافة الكيد إلى الرجل أولى من إضافته إلى السحر وقرأ بعضهم كيد سحر بنصب الدال جعله نصباً لوقوع الفعل عليه وهو قوله تعالى { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ } وهذا كقوله إنما ضربت زيداً وقراءة العامة بالضم لأنه خبر إن وما اسم ومعناه إن الذي صنعوه كيد سحر { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } أي: حيثما عمل ويقال لا يفوز حيثما كان وذهب قوله تعالى: { فَأُلْقِىَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً } يعني: من سرعة ما سجدوا كأنهم ألقوا وهذا قول الأخفش وقال الفراء والقتبي: وقعوا للسجود { قَالُواْ امَنَّا بِرَبّ هَـٰرُونَ وَمُوسَىٰ } يعني صدقنا به { قَالَ } لهم فرعون { ءامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ } يعني قبل أن آمركم { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ } يعني موسى لعالمكم { ٱلَّذِى عَلَّمَكُمُ ٱلسّحْرَ } وإنما أراد به التلبيس على قومه لأنه علم أنهم لم يتعلموا من موسى وإنما علموا السحر قبل قدوم موسى وقبل ولادته ثم قال { فَلأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ } اليد اليمنى والرجل اليسرى { وَلأصَلّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } يعني على أصول النخل على شاطىء النيل { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } يعني: وأدوم أنا أم رب موسى { قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ } أي لن نختار عبادتك وطاعتك ولن نتبع دينك { عَلَىٰ مَا جَاءنَا مِنَ ٱلْبَيّنَـٰتِ } يعني على دين الله بعدما جاءنا من العلامات { وَٱلَّذِى فَطَرَنَا } يعني ولا (عبادتك على) عبادة الذي خلقنا ويقال هو على معنى القسم أي لن نختارك ودينك والذي فطرنا { فَٱقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ } يقول اصنع ما أنت صانع فاحكم فينا من القطع والصلب ما شئت { إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ } يقول لست بحاكم علينا ولا تملكنا إلا في الدنيا ما دام الروح فينا قوله تعالى: { إِنَّا آمَنَّا بِرَبّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَـٰيَـٰنَا } يعني ما عملنا في حال الشرك { وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسّحْرِ } يعني ليغفر لنا ما أجبرتنا عليه من السحر يروى أن فرعون أكرههم على تعلم السحر { وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } يعني الله خير لنا منك وأدوم وثواب الله عز وجل خير من عطائك وأبقى مما وعدتنا به من التعذيب.