التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٧
وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ
٨
ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ
٩
لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٠
وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ
١١
فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ
١٢
-الأنبياء

بحر العلوم

ثم قال عز وجل: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ } يعني: لم أرسل إليهم الملائكة بالرسالة وكانت الرسل من الآدميين { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ } يعني: أهل التوراة والإنجيل: { إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } أي: لا تصدقون وذلك أن أهل مكة قالوا لو أراد الله تعالى أن يبعث إلينا رسولاً لأرسل ملائكة قرأ عاصم في رواية حفص نُوْحِي بالنون وكذلك في قوله { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِىۤ إِلَيْهِ } [الأنبياء:25] وقرأ حمزة والكسائي الأول بالياء والثاني بالنون والباقون كلاهما بالياء وهو اختيار أبي عبيد { وَمَا جَعَلْنَـٰهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ } يعني: ما خلقنا الرسل جسداً لا يأكلون ولا يشربون ولكن جعلناهم أجساداً فيها أرواح يأكلون ويشربون وقال جسداً ولم يقل أجساداً لأن الواحد ينبىء عن الجماعة ويقال معناه وما جعلناهم ذوي أجساد لا يأكلون الطعام لأنهم قالوا { { مَا لِهَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ } [الفرقان:7] ثم قال: { وَمَا كَانُواْ خَـٰلِدِينَ } يعني: في الدنيا { ثُمَّ صَدَقْنَـٰهُمُ ٱلْوَعْدَ } يعني: العذاب للكفار والنجاة للأنبياء عليهم السلام { فَأَنجَيْنَـٰهُمْ وَمَن نَّشَاء } يعني فأنجينا الأنبياء عليهم السلام ومن نشاء من المؤمنين { وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } يعني: المشركين قوله عز وجل: { لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَـٰباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } يعني: القرآن فيه عزكم وشرفكم يعني: شرف العرب والذكر يوضع موضع الشرف لأن الشرف يذكر ويقال ذكركم أي فيه تذكرة لكم ما ترجون من رحمة وتخافون من عذابه كما قال { { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } [عبس: 11] وقال السدي فيه ذكركم يعني: ما تُعْنون به من أمر دنياكم وآخرتكم وما بينكم وقال الحسن فيه ذكركم يعني: أمسك به عليكم دينكم وفيه بيان حلالكم وحرامكم ويقال وعدكم ووعيدكم ثم قال: { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أن فيه عزكم وشرفكم فتؤمنون به قوله عز وجل: { وَكَمْ قَصَمْنَا } القَصم الكسر يعني كم أهلكنا { مِن قَرْيَةٍ } يعني: أهل قرية { كَانَتْ ظَـٰلِمَةً } أي: كافرة { وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ } يعني: خلقنا بعد هلاكها قوماً آخرين خيراً منهم فسكنوا ديارهم { فَلَمَّا أَحَسُّواْ بَأْسَنَا } يعني: رأوا عذابنا { إِذَا هُمْ يَرْكُضُونَ } يعني: يهربون ويعدون وقال القتبي: أصل الركض تحريك الرجلين يقال: ركضت الفرس إذا أعديته بتحريك رجليك ومنه قوله { { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ } [ص: 42].