التفاسير

< >
عرض

لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ
١٣
قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
١٤
فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ
١٥
وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ
١٦
لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ
١٧
-الأنبياء

بحر العلوم

ثم قال عز وجل: { لاَ تَرْكُضُواْ } يعني: قالت الملائكة عليهم السلام لا تهربوا وقال قتادة هذا على وجه الاستهزاء وقال مقاتل لما انهزموا قالت لهم الملائكة عليهم السلام كهيئة الاستهزاء لا تركضوا وقال القتبي: هذا كما قال لبيد:

هلا سألت جموع كندة يوم ولوا أين أينا

قال ابن عباس إن قرية من قرى اليمن يقال لها حصور أرسل الله تعالى إليهم نبياً فكذبوه ثم قتلوه فسلط الله عز وجل عليهم بختنصر فقتلهم وهزمهم فقالت لهم الملائكة عليهم السلام حين انهزموا لا تركضوا يعني: لا تهربوا { وَٱرْجِعُواْ إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } يعني: خولتم فيه من أمر دنياكم { وَمَسَـٰكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } عن قتل نبيكم ويقال عن الإيمان { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } بقتل نبينا عليه السلام ويقال بالشرك بالله عز وجل قوله تعالى: { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } يعني: كلمة الويل قولهم { حَتَّىٰ جَعَلْنَـٰهُمْ حَصِيداً خَـٰمِدِينَ } يعني: محصوداً وقال أهل اللغة: فعيل بمعنى مفعول والحصيد بمعنى محصود ويقع على الواحد والاثنين والجماعة، وقال السدي: الحصيد الذي قد حصد ويقال: كداسة الغنم بأظلافها خامدين ميتين لا يتحركون وقال مجاهدرحمه الله : خامدين بالسيف قوله عز وجل: { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } من الخلق والعجائب { لاَعِبِينَ } أي: لغير شيء ولكن خلقناهم لأمر كائن ويقال وما خلقت هذه الأشياء إلا ليعتبروا ويتفكروا فيها ويعلموا أن خالق هذه الأشياء أحق بالعبادة من غيره ويكون لِيَ عليهم الحجة يوم القيامة قوله عز وجل { لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } يعني: زوجةً بلغة حضرموت { لاَّتَّخَذْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا } يعني: من عندنا قال ابن عباس اللهو الولد وقال الحسن وقتادة: اللهو المرأة وقال القتبي: التفسيران متقاربان لأن المرأة للرجل لهو وولده لهو كما يقال: ريحانتاه وأصل اللهو الجماع فكني به بالمرأة والولد كما كني عنه باللمس وتأويل الآية أن النصارى لما قالوا في المسيح ما قالوا قال الله تعالى: { لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا } أي صاحبةً وولداً لاتخذنا ذلك من عندنا لا من عندكم لأن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده لا عند غيره ثم قال: { إِن كُنَّا فَـٰعِلِينَ } يعني: ما كنا فاعلين ويجوز أن يكون إن كنا ممن يفعل ذلك ولسنا ممن يفعله.