التفاسير

< >
عرض

بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
١٨
وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ
١٩
يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ
٢٠
أَمِ ٱتَّخَذُوۤاْ آلِهَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ
٢١
لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
٢٢
لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ
٢٣
-الأنبياء

بحر العلوم

ثم قال عز وجل { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقّ } يعني: بالحق { عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ } ومعناه نبين الحق من الباطل { فَيَدْمَغُهُ } أي يبطله ويضمحل به ويقال يكسره وقال أهل اللغة: أصل هذا إصابة الرأس والدماغ بالضرب وهو مقتل { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } يعني: هالك ويقال زاهق أي: زائل ذاهب قال الفقيه أبو الليثرحمه الله في الآية دليل أن النكتة إذا قابلتها نكتة أخرى على ضدها سقط الاحتجاج بها لأنها لو كانت صحيحة ما عارضها غيرها لأن الحق لا يعارضه الباطل ولكن يغلب عليه فيدمغه ثم قال: { وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ } يعني: الشدة من العذاب وهم النصارى { مِمَّا تَصِفُونَ } يعني: تقولون من الكذب على الله { وَلَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } من الخلق { وَمَنْ عِندَهُ } من الملائكة { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } يعني: لا يتعظمون { عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } يعني: لا يعيون الحسير المنقطع الواقف إعياء روي عن عبد الله بن الحارث أنه قال: قلت لكعب الأحبار رضي الله عنه أرأيت قوله { يُسَبّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } أما شغلهم رسالة أما شغلهم عمل فقال لي: ممن أنت فقلت: من بني عبد المطلب فضمني إليه ثم قال: يا ابن أخي إنه جعل لهم التسبيح كما جعل لنا النفس ألست تأكل وتشرب وتذهب وتجيء وأنت تتنفس كذلك جعل لهم التسبيح ثم قال عز وجل: { أَمِ ٱتَّخَذُواْ الِهَةً } الميم صلة معناه أعبدوا من دون آلهةً ويقال: بل عبدوا آلهة { مّنَ ٱلأَرْضِ } يعني: اتخذوها من الأرض ويقال من الأرض يعني: في الأرض { هُمْ يُنشِرُونَ } يعني: هل يحيون تلك الآلهة شيئاً وقرىء أيضاً يُنشَرون بضم الياء ونصب الشين هل يحيون أبداً لا يموتون ثم قال: { لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ } يعني: لو كان في السماء والأرض آلهة غير الله { لَفَسَدَتَا } يعني: لخربت السموات والأرض ولهلك أهلها يعني أن التدبير لم يكن مستوياً ثم نزه نفسه عن الشريك فقال تعالى: { فَسُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } يعني: عما يقولون من الكذب قوله عز وجل: { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } يعني: عما يحكم في خلقه من المغفرة والعقوبة لأنه عادل ليس بجائر { وَهُمْ يُسْـئَلُونَ } عما يفعلون بعضهم ببعض لأنهم يجورون ولا يعدلون ومعناه لا يسأل عما يفعل على وجه الاحتجاج عليه ولكن يسأل عن معنى الاستكشاف والبيان كقوله عز وجل: { { رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِىۤ أَعْمَىٰ } [طه: 125] وروي عن مجاهد أنه قال: لا يسأل عن قضائه وقدره وهم يسألون عن أعمالهم ويقال لا يسأل عما يفعل لأنه ليس فوقه أحد وهم يسألون لأنهم مملوكون.