التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ
٣٢
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ
٣٣
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ
٣٤
ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلَٰوةِ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ
٣٥
-الحج

بحر العلوم

ثم قال عز وجل: { ذٰلِكَ } يقول هذا الذي أمر من اجتناب الأوثان { وَمَن يُعَظّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ } يعني: البدن فيذبح أعظمها وأسمنها وروي عن ابن عباس أنه قال: تعظيمها استعظامها وأيضاً استسمانها واستحسانها ثم قال: { فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } يعني: من إخلاص القلوب ويقال من صفاء القلوب وشعائر الله: معالم الله ودينه ندب الله إليها وأمر بالقيام بها وواحدها شعيرة قوله عز وجل: { لَكُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ } يعني: في البدن وقال مجاهد: يعني في ركوبها وشرب ألبانها وأوبارها { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } يعني إلى أجَلٍ مسمًّى بدناً فمحلها إلى البيت العتيق وروي عن ابن عباس نحو هذا قول بعض الناس: إنه يجوز ركوب البدن وقال أهل العراق: لا يجوز إلا عند الضرورة ويضمن ما نقصها الركوب وهذا القول أحوط الوجهين { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } يعني: منحرها في الحرم ورُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "جميع فجاج مكة منحر" . ثم قال عز وجل: { وَلِكُلّ أُمَّةٍ } أي: لكل أهل دين ويقال لكل قوم من المؤمنين فيما خلا { جَعَلْنَا مَنسَكًا } يعني: ذبحاً لهراقة دمائهم ويقال: مذبحا يذبحون فيه قال الزجاج: معناه: جعلنا لكل أمة أن تتقرب بأن تذبح الذبائح لله تعالى قرأ حمزة والكسائي (مَنْسِكاً) بكسر السين وقرأ الباقون بالنصب فمن قرأ بالكسر يعني مكان النسك ومن قرأ بالنصب فعلى المصدر وقال أبو عبيد: قراءتنا هي بالنصب لفخامتها ثم قال { لّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَـٰمِ } يعني: يذكرون اسم الله تعالى عند الذبح { فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ } أي: ربكم رب واحد { فَلَهُ أَسْلِمُواْ } يعني: أخلصوا بالتسمية عند الذبيحة وفي التلبية { وَبَشّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } يعني: المخلصين بالجنة ويقال: المخبتين المجتهدين في العبادة والسكون فيها، قال قتادة: المخبتون المتواضعون وقال الزجاج: أصله من الخبت من الأرض وهو المكان المنخفض من الأرض ويقال: المخبت الذي فيه الخصال التي ذكرها الله بعده وهو قوله { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } يعني: خافت قلوبهم { وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ } من أمر الله من المرازي والمصائب { وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلاَةِ } يعني: يقيمونها بمواقيتها { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } يعني: يتصدقون وينفقون في الطاعة ثم ذكر البدن يعني ينحرون البدن فهذه الخصال الحسنة صفة المخبتين.