ثم قال عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء} يعني: المطر {فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً} يعني: تصير الأرض مخضرة بالنبات ويقال ذات خضرة {إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ} باستخراج النبات {خَبِيرٌ} أي عليم به وبمكانه ثم قال عز وجل {لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ} من الخلق {وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِىُّ} عن الخلق وعن عبادتهم {ٱلْحَمِيدُ} يعني: المحمود في أفعاله. قوله عز وجل {أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم} يعني: ذلل لكم {مَّا فِى ٱلأَرْضِ وَٱلْفُلْكَ تَجْرِى} يعني: تسير {فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} يعني: بإذنه. وروي عن عبد الرحمن الأعرج أنه قرأ الفلك بضم الكاف على معنى الابتداء وقراءة العامة بالنصب لوقوع التسخير عليها يعني: سخر لكم الفلك ويقال: صار نسباً بمنطلق على أن تعني أن الفلك تجري ثم قال {وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ} يعني: لكيلا تقع على الأرض ويقال كراهية أن تقع على الأرض. {إِلاَّ بِإِذْنِهِ} يعني بأمره يوم القيامة {إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} يعني رحيم مع شركهم ومعصيتهم حيث يرزقهم في الدنيا ولم يعاقبهم في العاجل ثم قال عز وجل {وَهُوَ ٱلَّذِى أَحْيَاكُمْ} يعني خلقكم ولم تكونوا شيئاً {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} في الدنيا {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} للبعث {إِنَّ ٱلإِنْسَـٰنَ لَكَفُورٌ} أي كفور لنعمه لا يشكره ولا يطيعه قوله عز وجل {لِكُلّ أُمَّةٍ} يعني: لكل قوم {جَعَلْنَا مَنسَكًا} يعني مذبحاً {هُمْ نَاسِكُوهُ} يعني ذابحوه وفي منسك من الاختلاف ما سبق {فَلاَ يُنَـٰزِعُنَّكَ فِى ٱلأَمْرِ} لا يخالفنك في أمر الذبيحة نزلت في قوم من خزاعة قالوا ما ذبح الله فهو أحل مما ذبحتم وقال الزجاج: المعنى فيه أي فلا يجادلنك ولا تجادلهم والدليل عليه وإن جادلوك ويقال فلا ينازعنك في الأمر يعني لا يغلبونك في المنازعة {وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبّكَ} يعني أدع الخلق إلى معرفة ربك وإلى توحيد ربك {إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} يعني: على دين مستقيم قوله عز وجل {وَإِن جَـٰدَلُوكَ} يعني إن حاججوك في أمر الذبيحة والتوحيد {فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} يعني عالماً بأعمالكم فيجازيكم وذلك قوله {ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} يقضي بينكم {يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} من الدين والذبيحة قال عز وجل {أَلَمْ تَعْلَمْ} يا محمد {أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ذٰلِكَ فِى كِتَـٰبٍ} يعني إن ذلك العلم مكتوب في اللوح المحفوظ {إِنَّ ذٰلِكَ} في كتاب يعني إن كتابته {عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ} يعني هين حال حفظه على الله أي: كتابته على الله يسير ثم قال عز وجل {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً} يعني عذر ولا حجة قرأ أبو عمرو في إحدى الروايتين ما لم ينزل بالتخفيف والباقون بالتشديد {وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ} يعني ليس لهم بذلك حجة من المعقول {وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} أي مانع يمنعهم من العذاب.