التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
٢٦
فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ
٢٧
فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٢٨
وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ
٢٩
إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ
٣٠
ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ
٣١
فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٣٢
وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ
٣٣
وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ
٣٤
أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ
٣٥
-المؤمنون

بحر العلوم

{ قَالَ رَبّ ٱنصُرْنِى } يعني: أعني عليهم بالعذاب { بِمَا كَذَّبُونِ } يعني: بتحقيق قولي في العذاب لأنه أنذر قومه بالعذاب فكذبوه قوله عز وجل: { فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا } أي: إعمل السفينة بأَعيننا يعني: بمنظر منا وبعلمنا ثم قال: { وَوَحْيِنَا } يعني: بوحينا إليك وأمرنا { فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا } يعني: عذابنا { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } يعني: بنبع الماء من أسفل التنور { فَٱسْلُكْ فِيهَا } يعني: فأدخل في السفينة { مِن كُلّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } يعني من كل حيوان صنفين ولونين ذكراً وأنثى { وَأَهْلَكَ } يعني: وأدخل فيها أهلك { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ } يعني: إلا من وجب عليه العذاب وهو ابنه كنعان { وَلاَ تُخَـٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني ولا تراجعني بالدعاء في الذين كفرُوا وهو ابنه { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } بالطوفان: قرأ عاصم في رواية حفص من كل زوجين بتنوين اللام وقرأ الباقون بغير تنوين ثم قال عز وجل: { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ } يعني: ركِبت في السفينة { فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } يعني: الشكر لله { ٱلَّذِى نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } المشركين قوله عز وجل { وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِى } يعني: إذا نزلت من السفينة إلى البر فقل رب أنزلني { مُنزَلاً مُّبَارَكاً } قرأ عاصم في رواية أبي بكر منزلاً بنصب الميم وكسر الزاي يعني موضع النزول وقرأ الباقون: منزلاً بضم الميم ونصب الزاي وهو اختيار أبي عبيدة وهو المصدر من أنزل ينزل فصار بمعنى أنزلني إنزالاً مباركاً { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } من غيرك وقد قرأ في الشواذ وأنت خير المنزلين بنصب الزاي يعني أن الله تعالى قال لنوح عليه السلام قل هذا القول حتى تكون خير المنزلين ثم قال عز وجل: { إِنَّ فِى ذَلِكَ } يعني: في إهلاك قوم نوح { لأَيَاتٍ } يعني: لعبراً لمن بعدهم { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } يعني: وقد كنا لمختبرين بالغرق ويقال بالطاعة والمعصية وإن بمعنى قد كقوله { { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ } [إبراهيم: 46] يعني: وقد كان مكرهم قوله عز وجل: { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ } أي: خلقنا من بعدهم { قَرْناً آخَرِينَ } وهم قوم هود { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ } يعني: نبيهم هوداً عليه السلام { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } يعني: قال لهم هود احمدوا الله وأطيعوه { مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } يعني: اتقوه، اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الأمر قوله عز وجل: { وَقَالَ ٱلْمَلاَ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَاء ٱلأَخِرَةِ } يعني: بالبعث بعد الموت { وَأَتْرَفْنَـٰهُمْ } يعني: أنعمنا عليهم ويقال وسعنا عليهم حتى أترفوا { في الحياة الدنيا ما هذا } يعني: قالوا ما هذا { إِلاَّ بَشَرٌ } يعني: آدمياً { مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ } يعني: كما تأكلون منه { وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } يعني: كما تشربون { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً } يعني: آدمياً { مّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَـٰسِرُونَ } أي: لمغبونون { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً } أي: صرتم تراباً { وَعِظـٰماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } يعني: محبون.