التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٢١
وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٢
-النور

بحر العلوم

قوله عز وجل: { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } يعني: (لا تتبعوا) تزيين الشيطان ووساوسه بقذف المؤمنين والمؤمنات { وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } وفي الآية مضمر ومعناه ومن يتبع خطوات الشيطان وقع في الفحشاء والمنكر { فَإِنَّهُ } يعني: به الشيطان { يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَاءِ } يعني: المعاصي { وَٱلْمُنْكَرِ } ما لا يعرف في شريعة ولا سنة وروي عن أبي مجلز قال: خطوات الشيطان النذور في معصية الله تعالى فيه قال: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم } يعني: ما ظهر وما صلح منكم { مّنْ أَحَدٍ أَبَداً } يعني: أحداً ومن صلة { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكّى } يعني: يوفق للتوحيد { مَن يَشَآء } ويقال: ما زكى أي ما وحد ولكن الله يزكي أي يطهر { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } لِمَقالتهم { عَلِيمٌ } بهم ثم قال عز وجل: { وَلاَ يَأْتَلِ } يعني: لا يحلف وهو يفتعل من الألية وهي اليمين قرأ أبو جعفر المدني وزيد بن أسلم ولا يتأل على معنى يتفعل ويقال: معناه ولا يدع أن ينفق ويتصدق وهو يتفعل من ألوت أني أصنع كذا ويقال ما ألوت جهدي أي: ما تركت طاقتي وذلك أن أبا بكر كان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره فلما تكلم بما تكلم به حلف أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينفق عليه فنزلت هذه الآية ولا يَأْتَلِ { أُوْلُو ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ } في طاعة الله لأنه كان أفضل الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ } يعني: السعة في المال وهذا من مناقب أبي بكر رضي الله عنه حيث سماه الله أولو الفضل في الإسلام ويقال: ولا يأتل يعني ولا يحلف أولو الفضل منكم يعني أولو الغنى والسعة في المال والأول أشبه لكي لا يكون حمل الكلام على التكرار { أَن يُؤْتُواْ } أولي القربى يعني: لا يحلف أن لا يعطي ولا ينفق على { أُوْلِى ٱلْقُرْبَىٰ } يعني: على ذوي القربى وهو مسطح { وَٱلْمَسَـٰكِينَ وَٱلْمُهَـٰجِرِينَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } وكان مسطح من فقراء المهاجرين ومن أقرباء أبي بكر { وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ } يقول: ليتركوا وليتجاوزوا { أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ } فقال أبو بكر: أنا أحب أن يغفر الله لي فقد تجاوزت عن قرابتي ويقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: "ألا تحب أن يغفر الله لك؟" قال نعم فقرأ عليه هذه الآية وأمره بأن ينفق على مسطح وفي الآية دليل على أن من حلف على أمر فرأى الحنث أفضل منه فله أن يحنث ويكفر عن يمينه ويكون له ثلاثة أجور أحدها ائتماره بأمر الله تعالى والثاني أجر بره وذلك صلته في قرابته والثالث أجر التكفير ثم قال تعالى: { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يعني: غفور لذنوبكم رحيم بالمؤمنين.