التفاسير

< >
عرض

وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً
٥٨
ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً
٥٩
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً
٦٠
-الفرقان

بحر العلوم

قوله عز وجل: { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَىّ ٱلَّذِى لاَ يَمُوتُ } وذلك حين دعي إلى ملة آبائه فأمره الله تعالى بأن يتوكل على ربه قال الكريم { وَسَبّحْ بِحَمْدِهِ } قال مقاتل: واذكر بأمره وقال الكلبي: صل بأمره { وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } يعني: عالماً معناه وكفى بالله عالماً بذنوب عباده وبمجازاتهم فلا أحد أعلم بذنوب عباده ومجازاتهم منه ثم قال عز وجل: { ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } وقد ذكرناه وتم الكلام ثم قال: { ٱلرَّحْمَـٰنُ } يعني: استوى الرحمن على العرش قال: ويجوز أن يكون على معنى الابتداء ثم قال: { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } يعني: فاسأل (عنه عالماً ويقال معناه ما أخبرتك به من شيء فهو كما أخبرتك فاسأل) بذلك عالماً حتى يبين لك ذلك كقوله: { { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ } [يونس: 94] الآية خاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأراد به أمته قوله عز وجل: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ } يعني: صلوا للرحمن ويقال: اخضعوا له ووحدوه { قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } يعني: ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب قالوا: { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } لذلك الكذاب قرأ حمزة والكسائي بالياء على معنى المغايبة وقرأ الباقون على المخاطبة { وَزَادَهُمْ نُفُوراً } يعني: زادهم ذكر الرحمن تباعداً عن الإيمان فمن قرأ بالياء فمعناه لما يأمرنا الرحمن بالسجود ويقال لما يأمرنا محمد يعني لا نسجد لما يأمرنا كقوله: { { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ } [النساء: 3] يعني: من طاب لكم ومن قرأ بالتاء أراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو عبيد: هذا هو الوجه لأن المشركين خاطبوه بذلك وكانوا غير مقرين بالرحمن.