التفاسير

< >
عرض

وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٩
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٠
وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
١١
-القصص

بحر العلوم

قوله عز وجل: { وَقَالَتِ ٱمْرَأَتُ فِرْعَوْنَ } واسمها آسية لفرعون هذا الغلام { قُرَّةُ عَيْنٍ لّى وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ } فإنه آتانا به الماء من مصر آخر ومن أرض أخرى وليس من بني إسرائيل ويقال: أنها قالت إن هذا كبير ومولود قبل هذه المدة التي أخبر لك { عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } فإنه لم يكن له ولد ذكر قال فرعون: فهو قرة عين لك فأما أنا فلا وروي عن ابن عباس أنه قال: لو قال فرعون أيضاً هو قرة عين لي لنفعه الله تعالى به ولكنه أبى ويقال قرة عين لي وقد تم الكلام ثم قالت ولك لا تقتلوه (قال: وروى عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقف على قرة عين لي ولك ثم قال: لا تقتلوه أي: لا تقتلوه فلا الثاني إضمار في الكلام) والتفسير الأول أصح ثم قال: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي: لا يشعر فرعون وقومه أن هلاكهم على يديه ثم قال عز وجل: { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمّ مُوسَىٰ فَارِغاً } يعني: خالياً من كل ذكر وشغل إلا ذكر موسى عليه السلام ويقال صار قلبها فارغاً حين بعثت أخته لتنظر فأخبرتها بأنه قد أخذ في دار فرعون فسكنت حيث لم يغرق ويقال: صار قلبها فارغاً لأنها علمت أنه لا يقتل وروي عن فضالة بن عبيد أنه قرأ: وأصبح فؤاد أم موسى فزعاً يعني: خائفاً وقراءة العامة فارغاً وتفسيره ما ذكرناه وقد قيل أيضاً فارغاً من شغل نفقته { إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ } يعني: وقد كادت لتظهر به قال مقاتل: وذلك أنها لما ألقت التابوت في النيل فرآت التابوت يدفعه مرة ويضعه أخرى فخشيت عليه الغرق فعند ذلك فزعت عليه وكادت أن تصيح ويقال: أنه لما كبر كان الناس يقولون: هو ابن فرعون فكأن ذلك شق عليها وكادت أن تظهر أن هذا ولدي وليس بولد فرعون ويقال: لما دخل الليل دخل الغم في قلبها حيث لم تدر أين صار ولدها فأرادت أن تظهر ذلك { لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا } أي: ثبتنا قلبها ويقال: قوينا قلبها وألهمناها الصبر { لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني: من المصدقين بوعد الله تعالى حيث وعد لها بإنا رادوه إليك فلم تجزع ولم تظهر قوله عز وجل: { وَقَالَتْ لأخْتِهِ قُصّيهِ } يعني: قالت أم موسى: لأخت موسى وكان اسم أخته مريم (قصية) يعني: اتبعي أثره ويقال يعني: امشي بجنبه في الحد وهو في الماء حتى تعرف من يأخذه { فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ } يعني: بصرته عن بعد كما قال { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } [النساء: 36] يعني البعيد منهم من قوم آخرين ويقال عن جنب يعني في جنب { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أنها أخت موسى ويقال: وهم لا يشعرون يعني وهم لا يعرفون أنها ترقبه.