التفاسير

< >
عرض

طسۤمۤ
١
تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ
٢
نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٣
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٤
-القصص

بحر العلوم

قوله تعالى: { طسم تِلْكَ ءايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } أي: القرآن وهو مبين للأحكام وقد ذكرناه (قال أبو سعيد الفاريابي في قوله تعالى (طا) قال: هو طاهر عما يعلوه والسين سامع لما وصفوه والميم ماجد حين سألوه والماجد كثير العطاء ويقال: أمجدني فلان إذا أكثر إعطاؤه ويقال: (طا) أي: أقسم الله بطالوت وسين أقسم الله بسليمان وميم أقسم الله بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ) { نَتْلُواْ عَلَيْكَ } يعني: ننزل عليك جبريل عليه السلام يقرأ عليك { مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ } أي: من خبر موسى وفرعون بالصدق { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يعني: يصدقون محمداً - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآية وإنما أنزل القرآن لجميع الناس ولكن المؤمنين هم الذين يصدقون فكأنه لهم وذلك أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يؤذونهم المشركون فيشكون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه السورة في شأنهم لكي يعرفوا ما نزل في بني إسرائيل من فرعون وقومه ليصبروا كصبرهم وينجيهم ربهم كما أنجا بني إسرائيل من فرعون وقومه وهذا كقوله: { { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم } [البقرة: 214] الآية ثم أخبر عن فرعون فقال تعالى: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني: اسْتكبر وتعظم عن الإيمان وخالف أمر موسى في أرض مصر { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } يعني: أهل مصر فرقاً { يَسْتَضْعِفُ } يعني: يستقهر { طَّائِفَةٌ مّنْهُمْ } يعني: من أهل مصر وهم بنو إسرائيل فجعل بعضهم ينقل الحجارة من الجبل وبعضهم يعملون له عمل النجارة وبعضهم أعمال الطين ومن كان لا يصلح لشيء من أعماله يأخذ منه كل يوم ضريبة درهماً فإذا غابت الشمس ولم يأت بالضريبة غلت يده اليمنى إلى عنقه ويأمره بأن يعمل بشماله هكذا شهراً. ثم قال: { يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ } أي يعني: أبناء بني إسرائيل صغاراً { وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } يعني: يستخدم نساءهم وأصله من الاستحياء يعني يتركهن أحياء وروى أسباط عن السدي قال: بلغنا أن فرعون رأى فيما يرى النائم كأن ناراً أقبلت من أرض الشام فاشتملت على بيوت مصر وكانت الشام أرض بني إسرائيل أول ما كانوا فأحرقتها كلها إلا بيوت بني إسرائيل فسأل الكهنة عن ذلك فقالوا: يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يديه هلاك أهل مصر فأمر فرعون بأن لا يولد في بني إسرائيل ذكر إلا ذبح وعمد إلى ما كان من بني إسرائيل خارج المصر فأدخله المدينة واستعبدهم ورفع العمل عن رقاب أهل مصر ووضعه على بني إسرائيل" ثم قال: { إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } يعني: فرعون كان يعمل بالمعاصي.