التفاسير

< >
عرض

وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ
٣٩
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ
٤٠
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ
٤١
وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ
٤٢
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٤٣
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٤٤
وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ
٤٥
-القصص

بحر العلوم

قوله عز وجل: { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِى ٱلأَرْضِ } يعني: استكبر فرعون عن الإيمان هو وقومه { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } يعني: بغير حجة { وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ } يعني: وحسبوا أنهم { إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } بعد الموت قرأ نافع وحمزة والكسائي لا يرجعون بنصب الياء وكسر الجيم على فعل لأنهم وقرأ الباقون بضم الياء أي لا يردون بمعنى التعدي قول الله تعالى { فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ } يعني: عاقبناه وجنوده { فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمّ } يعني: أغرقناهم في البحر وقال مقاتل في النيل { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني: المشركين { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً } يعني: خذلناهم حتى صاروا قادة ورؤساء للضلال والجهال { يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } يعني: إلى عمل أهل النار ويقال إلى الضلالة التي عاقبتها النار { وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ } يعني: لا يمنعون من عذابي { وَأَتْبَعْنَـٰهُم فِى هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً } أي: عقوبة وهو الغرق { وَيَوْمَ القِيَـٰمَةِ هُمْ مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } أي: من المهلكين والعرب؛ تقول: قبحه الله أهلكه الله ويقال: وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة وذلك أنهم لما أهلكوا لعنوا فهم يعرضون على النار غدوة وعشية إلى يوم القيامة ويوم القيامة هم من المقبوحين الممقوتين المهلكين ويقال من المقبوحين أي: من المعذبين ويقال إنه قبح صورتهم ويقال: من المقبوحين أي من المشوهين قوله عز وجل: { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني: أعطيناه التوراة { مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ } بالعذاب أي: من بعد قوم نوح وعاد وثمود { بَصَائِرَ لِلنَّاسِ } يعني: هلاكهم بصيرة للناس وغيرهم ويقال بصائر يعني الكتاب بياناً لبني إسرائيل ومعناه ولقد آتينا موسى الكتاب بصائر أي مبيناً للناس { وَهَدَىٰ } من الضلالة لمن عمل به { وَرَحْمَةً } لمن آمن به من العذاب { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي لكي يتعظوا فيؤمنوا بتوحيد الله { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِىّ } أي: ما كنت يا محمد بناحية الجبل من قبل المغرب { إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } يعني: إذ عهدنا إليه بالرسالة ويقال: أحكمنا معه وعمدنا إليه بأمرنا ونبينا { وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } يعني: حاضرين لذلك الأمر { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ } أي الأجل فنسوا عهد الله ونسوا أمره { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِى أَهْلِ مَدْيَنَ } أي: مقيماً في أهل مدين { تَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِنَا } يعني: تتلوا على أهل مكة القرآن يعني: أن الله تعالى أعلمك أخبار الأمم الماضية من حديث موسى وشعيب عليهما السلام ليكون علامة لنبوتكم حيث يخبرك بخبر موسى ولم تكن حاضراً هناك ولم تكن تقرأ القرآن { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } إليك لتخبرها بخبر أهل مدين وبخبر موسى ويقال: { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسَلِينَ } يعني: أرسلناك رسولاً وأنزلنا هذه الأخبار لتخبرهم لولا ذلك لما علمتها.