التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ
٢
وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ
٣
-العنكبوت

بحر العلوم

قوله سبحانه وتعالى: { ألم أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ } يعني: أيظن الناس { أَن يُتْرَكُواْ } يعني: أن يمهلوا أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا } أي صدقنا { وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } يعني: لا يبتلون قال في رواية الكلبي "لما نزلت هذه الآية { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } [الأنعام: 65] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَا جبريل ما بقاء أمتي عَلَى هذا فقال له جبريل عليه السلام فادع الله لأمتك فقام فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم سأل ربه عز وجل أن لا يبعث عليهم العذاب قال فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله عز وجل قد أجار أمتك من خصلتين وألزمهم خصلتين قال فعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ ثم صلى فأحسن الصلاة ثم سأل ربه عز وجل لأمته أن لا يلبسهم شيعاً ولا يذيق بعضهم بأس بعض فنزل جبريل - عليه السلام - فقال يا محمد قد سمع الله عز وجل مقالتك فإنه يقول: ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك فصدقهم مصدقون وكذبهم مكذبون ثم لم يمنعنا أن نبتليهم بعد قبض أنبيائهم ببلاء يعرف فيه الصادق من الكاذب ثم نزل قوله عز وجل { ألم أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ } الآية" . قال مقاتل في مهجع بن عبد الله مولى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أول قتيل قتل من المسلمين يوم بدر وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة فجزع أبواه وأمرأته وقد كان الله بين للمسلمين أنه لا بد لهم من البلاء والمشقة في ذات الله عز وجل فنزل "ألم أحسب الناس أن يتركوا" وقال بعضهم لما أصيب المسلمون يوم أحد وكانت الكرة عليهم فعيرهم اليهود والنصارى والمشركون فشق ذلك على المسلمين فنزلت هذه الآية ويقال نزلت في عباس بن أبي ربيعة وفي نفر معه أخذهم المشركون وعذبوهم على الإسلام فنزلت هذه الآية ويقال نزلت في جمع المسلمين ومعناه أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا ثم لا يفرض عليهم الفرائض، وقال الزجاج: هذا اللفظ لفظ الإستخبار والمعنى تقرير وتوبيخ معنى أحسب الناس أن يقنع منهم بأن يقولوا آمنا فقط ولا يختبروا ويقال أن لا يعذبوا في الدنيا ثم قال عز وجل: { وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يعني: اختبرنا الذين كانوا من قبل هذه الأمة وابتليناهم ببلايا { فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } يعني: إنما يبتليهم ليبين الذين صدقوا من المؤمنين في إيمانهم { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ } منهم فشكوا عند البلاء ويقال: معناه ليبين صدق الصادق وكذب الكاذب بوقوع صدقه ووقوع كذبه وقال القتبي: يعني ليميزن الله الذين صدقوا ويميز الكاذبين.