التفاسير

< >
عرض

وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ
٣٨
وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ
٣٩
فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٤٠
-العنكبوت

بحر العلوم

ثم قال عز وجل: { وَعَاداً وَثَمُودَ } وقال بعضهم انصرف إلى قوله { { وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [العنكبوت:3] وفتنا عاداً وثموداً وقال بعضهم انصرف إلى قوله { { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } [الأعراف: 78] يعني أخذهم العذاب، وأخذ عاداً وثموداً، ويقال: معناه اذكر عاداً وثموداً، أو يقال: صار نصباً لنزع الخافض ومعناه وأرسلنا الرسل إلى عاد وثمود { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مّن مَّسَـٰكِنِهِمْ } يعني: ظهر لكم يا أهل مكة من منازلهم آية في إهلاكهم { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ } يعني ضلالتهم { فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } يعني صرفهم عن الدين، ويقال منعهم عن التوحيد ويقال صد يصد صداً إذا منعه وصد يصد صدوداً إذا امتنع بنفسه وأعرض قوله { وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ } في دينهم وهم يرون أنهم على الحق وهم على الباطل ويقال كانوا مستبصرين أي ذوي بصيرة ومع ذلك جحدوا ثم قال عز وجل: { وَقَـٰرُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ } يعني أهلكنا قارون وفرعون وهامان { وَلَقَدْ جَاءهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيّنَـٰتِ } يعني بالعلامات والآيات { فَٱسْتَكْبَرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } يعني طغوا فيها وتعظموا عن الإيمان { وَمَا كَانُواْ سَـٰبِقِينَ } يعني بفائتين من عذابنا قوله عز وجل { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } يعني كلهم أهلكناهم بذنوبهم ويقال معناه أهلكنا كل واحد منهم بذنبه لا بذنب غيره { فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } يعني الحجارة وهم قوم لوط { وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ } يعني قارون { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا } وهم فرعون وقومه، وقال العتبي: الأخذ أصله باليد ثم يستعار في مواضع فيكون بمعنى القبول كقوله عز وجل { { وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِى } [آل عمران: 81] أي قبلتم عهدي والأخذ التعذيب كقوله { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ } وكقوله { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } يعني عذبنا وكقوله { وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } [غافر: 5] يعني ليعذبوه { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } يعني لم يعذبهم من غير جرم منهم { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بجرمهم يستوجبون العقوبة.