التفاسير

< >
عرض

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٧١
-آل عمران

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَيَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } يقول: بجنة من الله ويقال: بمغفرة من الله. { وَفَضَّلَ } يعني الكرامات في الجنة. وروي عن مجاهد أنه كان يقول: السيوف مفاتيح الجنة. وروت عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الشهيد يشفع في سبعين من أهله" ، قال الفقيه: أروي هذا الحديث بمعناه لا بلفظه: إن الله تعالى أكرم الشهداء بخمس كرامات لم يكرم بها أحد من الأنبياء ولا أنا، إحداها: أن جميع الأنبياء قبض أرواحهم ملك الموت، وهو الذي سيقبض روحي، وأما الشهداء، فالله تعالى [هو الذي يقبض] أرواحهم بقدرته كيف يشاء، ولا يسلط على أرواحهم ملك الموت، والثانية: أن [جميع] الأنبياء قد غُسِّلوا بعد الموت، وأنا أُغسَّل بعد الموت، وأما الشهداء، [فلا] يغسلون ولا حاجة لهم إلى [ماء] الدنيا، والثالثة: أن جميع الأنبياء قد كفنوا، وأنا أكفن أيضاً، والشهداء لا يكفنون بل يدفنون في ثيابهم، والرابعة: أن جميع الأنبياء لما ماتوا فقد سُمُّوا أمواتاً، وإذا مت أنا يقال: قد مات، والشهداء لا يُسمون موتى، والخامسة: أن الأنبياء تعطى لهم الشفاعة يوم القيامة، وشفاعتي أيضاً يوم القيامة، وأما الشهداء فيشفع لهم في كل يوم فيمن يستشفعون. ثم قال تعالى: { وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قرأ الكسائي: "وإنَّ" بكسر الألف، والباقون بالنصب، فمن قرأ بالنصب، فمعناه يستبشرون بنعمة من الله، ويستبشرون بأن الله لا يضيع ثواب المؤمنين [الموحدين]، ومن قرأ بالكسر على معنى الابتداء: إن الله لا يبطل ثواب عمل الموحدين وهذا الخبر للترغيب في الجهاد، وأما الشهداء والأولياء فيشفع لهم لا يبلغون إلى درجة الأنبياء، ومن قال إنهم يبلغون إلى درجة الإباحة، ومن أنكر كرامات الأولياء فهو معتزلي.