التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٧٢
ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ
١٧٣
فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
١٧٤
إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٧٥
-آل عمران

بحر العلوم

قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ } قال في رواية الكلبي: وذلك "أن أبا سفيان حين رجع من أُحد نادى فقال: يا محمد إن الموعد بيننا وبينك موسم بدر الصغرى، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر: قل له: ذلك بيننا وبينك إن شاء الله تعالى" ، ثم ندم أبو سفيان فقال لنعيم بن مسعود، وكان يخرج إلى المدينة للتجارة: إذا أتيت المدينة، فخوّفهم لكيلا يخرجوا، فلما قدم نعيم المدينة قال: إن أبا سفيان قد جمع خلقاً كثيرة، فكره أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخروج إليهم، وتثاقلوا، فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم قال: "والذي نفسي بيده، لأخرجن إليهم، وإن لم يخرج معي منكم أحد" ، قال: فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [للميعاد] ومعه نحواً من سبعين رجلاً حتى انتهوا إلى ذلك الموضع وكان هنالك سوق فلم يخرج أحد من أهل مكة، فتسوقوا من السوق حاجتهم، وانصرفوا فنزل قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ }. { مِن بَعْدِ مَا أَصَـٰبَهُمُ ٱلْقَرْحُ } [يعني] أصابتهم الجراحات يوم أُحد { [لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ } أي الذين] أوفوا الميعاد { وَٱتَّقَوْاْ } السخط في معصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم { أَجْرٌ عَظِيمٌ } أي ثواب كثير. { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ } يعني "نعيم بن مسعود" وإنما أراد به جنس الناس وكان رجلاً واحداً { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } يعني أبا سفيان وأصحابه { فَٱخْشَوْهُمْ } ولا تخرجوا إليهم { فَزَادَهُمْ إِيمَـٰناً } أي تصديقاً ويقيناً وجرأة على القتال { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } أي ثقتنا بالله، وأيقنوا أن الله لا يخذل محمداً - صلى الله عليه وسلم - { وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } أي نعم الثقة لنا، { فَٱنْقَلَبُواْ } انصرفوا { بِنِعْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ } أي بأجر من الله { وَفَضَّلَ } يعني ما تسوقوا به من السوق، واشتروا الأشياء بسعر رخيص { لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ } يعني قتال { وَٱتَّبَعُواْ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } أي ذو مَنٍّ عظيم، وقال في رواية الضحاك: كان ذلك يوم أُحد، لما انهزمت قريش، ونزلت في مواضع وكثرت الجراحات في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج إليهم فأجابه سبعون رجلاً فنزلت هذه الآية. قوله تعالى: { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } يعني نعيم بن مسعود، لأن كل عات متمرد شيطان يخوف أولياءه يعني بأوليائه الكفار. ويقال: يخوف أشكاله. وقال الزجاج: { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي ذلك التخويف عمل الشيطان يخوفكم من أوليائه. وقال القتبي: يخوف أولياءه أي بأوليائه، أي كما. قال تعالى: { { لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا } [الكهف: 2] يعني لينذركم: ببأس شديد. ثم قال تعالى: { فَلاَ تَخَافُوهُمْ } في الخروج { وَخَافُونِ } في القعود { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي مصدقين. قال الزجاج: معناه إن كنتم مصدقين، فقد أعلمتكم أني أنصركم عليهم.