التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
٥٢
رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ
٥٣
-آل عمران

بحر العلوم

{ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ } قال الكلبي: فلما عرف منهم الكفر بالله. ويقال: فلما سمع منهم كلمة الكفر، وقال الزجاج: أحس في اللغة علم ووجد. ويقال: هل أحسست الخبر، أي هل عرفته وعلمته، وقال مقاتل: فلما رأى من بني إسرائيل الكفر، كقوله عز وجل: { { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ } [مريم: 98] يعني هل ترى. ويقال: [إنه لما علم] عيسى أنهم أرادوا قتله: { قَالَ: مَنْ أَنصَارِي إِلَى ٱللَّهِ } يقول: من أعواني مع الله؟ قال القتبي: إلى [ها هنا]: بمعنى "مع" مثل قوله: { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَٰلِكُمْ } [النساء: 2]، أي مع أموالكم، كما يقال: الذود إلى الذود إبل، أي مع الذود، فقال: { مَنْ أَنصَارِي إِلَى ٱللَّهِ } أي مع الله { قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ: نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ } قال الكلبي: الحواريون هم أصفياء عيسى - عليه السلام - وكانوا اثني عشر رجلاً، وقال مقاتل: كانوا قَصَّارين فمر بهم عيسى - عليه السلام - وقال { مَنْ أَنصَارِي إِلَى ٱللَّهِ }، قالوا: نحن أنصار الله، ويقال: إنه مر بهم وهم يغسلون الثياب، فقال لهم: إيش تصنعون؟ قالوا: نطهر الثياب فقال: ألا أدلكم [بطهارة] أنفع من هذا، قالوا نعم، فقال: تَعَالَوْا حتى نطهرَ أنفسنا من الذنوب فبايعوه، ويقال: إنهم كانوا صيادين، فمرَّ بهم وقال: ألا أدلُّكم على اصطياد أنفعَ لكم من هذا، قالوا: نعم، فقال: تَعَالَوْا حتى نصطاد أنفسنا من شر إبليس فبايعوه. وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: إنما سَمُّوا حواريين لبياض ثيابهم، وكانوا صيّادين. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الزبير: ابْنُ عَمَّتي وَحَوارِيَّ من أُمَّتي" ، يعني به الخالص، فهذا يكون دليلاً لقول الكلبي إنهم خواصه وأصفياؤه. ومعنى آخر: نحن أنصار الله، يعني أنصار دين الله { آمَنَّا بِٱللَّهِ } أي صدقنا بتوحيد الله { وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } يعني أشهدنا لأنه على ذلك، فاشهد يا عيسى بأنا مسلمون. ثم قالوا: { رَبَّنَا ءَامَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ } من الإنجيل على عيسى { وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ } أي عيسى عليه السلام على دينه { فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } يعني اجعلنا مع من أسلم قبلنا، وشهدوا بوحدانيتك.