التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ
٦٠
فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ
٦١
-آل عمران

بحر العلوم

ثم قال تعالى: { ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } يعني [خبر عيسى]، كما أخبرتك وأنبأتك في القرآن { فَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } أي من الشاكين. [ويقال: المثل الذي ذكر في عيسى هو الحق من ربك، وهذا الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد منه جميع من اتبعه ومعناه فلا تكونوا من الممترين، أي من الشاكين]، يعني إن مثله كمثل آدم - عليهما السلام - { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ } وذلك أن النصارى لما أخبرهم بالمثل في حق عيسى عليه السلام قالوا ليس كما تقول، وهذا ليس بمثل، فنزلت هذه الآية { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ } يعني خاصمك في أمر عيسى عليه السلام { مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } أي من البيان في أمره { فَقُلْ: تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ } أي نخرج أبناءنا وأبناءكم، { وَ } نخرج { نِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } [يعني نحن بأنفسنا، ويقال: إخواننا] ونجتمع في موضع { ثُمَّ نَبْتَهِلْ } أي نلتعن. وقال مقاتل يعني نخلص في الدعاء، ويقال هي المبالغة في الدعاء والتضرع { فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ } فواعدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يخرجوا للملاعنة فجعلوا وقتاً للخروج وتفرقوا على ذلك، ثم ندموا، فلما كان ذلك اليوم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ بيد الحسن والحسين، وخرج معه علي بن أبي طالب، وفاطمة، فلما اجتمعوا في [الموضع] الذي واعدهم، طلب منهم الملاعنة، فقالوا نعوذ بالله، فقال لهم: "إما أن [تلعنوا] وإما أن تسلموا، وإما أن [تؤدوا] الجزية" ، فقبلوا الجزية، وصالحوه بأن يؤدوا كل سنة ألفي حلة [ألف] حلة في المُحَرَّم [وألف] حلة في رجب، وأَمَّرَ عليهم "أبا عبيدة بن الجراح"، ورجعوا - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو أنهم التعنوا لهلكوا كلهم حتى العصافير في سقوف الحيطان" .