التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
١
وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
٢
وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
٣
-الأحزاب

بحر العلوم

قوله تبارك وتعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } قال مقاتل: وذلك أن أبا سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا المدينة بعد أحد وبعد الهدنة فمروا على عبد الله بن أبي المنافق فقام معهم عبد الله بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق فجاؤوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالوا له: اترك ذكر آلهتنا وقل إن لها شفاعة في الآخرة ومنفعة لمن عبدها وندعك وربك فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر رضي الله عنه: ائذن لي في قتلهم فقال: قد أعطيتهم الأمان فلم يأذن له بالقتل وأمره بأن يخرجهم من المدينة فقال لهم عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه فنزل: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } وقال مقاتل: في رواية الكلبي قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فنزلوا على عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير وجد بن قيس فتكلموا فيما بينهم فلما اجتمعوا في أمر فيما بينهم أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعونه إلى أمرهم وعرضوا عليه أشياء فكرهها منهم فهم بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون أن يقتلوهم فنزل { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } ولا تنقض العهد الذي بينك وبينهم إلى المدة { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } من أهل مكة { وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ } من أهل المدينة فيما دعوك إليه ويقال: إن المسلمين أرادوا أن ينقضوا العهد فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأذن لهم فنزل: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } في نقض العهد وإنما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأراده هو وأصحابه ألا ترى أنه قال في سياق الآية: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً } بما اجتمعوا عليه { حَكِيماً } حيث نهاك عن نقض العهد وحكم بالوفاء قوله عز وجل: { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبّكَ } يعني ما في القرآن { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } من وفاء العهد ونقضه { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } يعني: ثق بالله وفوض أمرك إلى الله تعالى { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } يعني: حافظاً وناصراً قرأ أبو عمرو بما يعملون بالياء على معنى الخبر عنهم وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.