التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً
٣٤
إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
٣٥
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً
٣٦
-الأحزاب

بحر العلوم

قوله عز وجل: { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِى بُيُوتِكُـنَّ } يعني: احفظن ما يقرأ عليكن { مِنْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ } يعني: القرآن { وَٱلْحِكْــمَةِ } يعني: أمره ونهيه في القرآن فوعظهن ليتفكرون ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً } لطيف علمه فيعلم حالهن إن خضعن بالقول ويقال لطيفاً أمر نبيه بأن يلطف بهن { خَبِيراً } يعني: عالماً بأعمالهن قوله عز وجل: { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ } وذلك أن أم سلمة رضي الله عنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء في شيء من كتابه فأخشى أن لا يكون فيهن خير ولا لله عز وجل فيهن حاجة فنزل { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ } ويقال إن النساء اجتمعن وبعثن أنيسة رسولاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن الله تبارك وتعالى خالق الرجال والنساء وقد أرسلك إلى الرجال والنساء فما بال النساء ليس لهن ذكر في الكتاب فنزلت هذه الآية وقال قتادة: لما ذكر الله عز وجل أزواج النبي يعني: دخل نِسَاءٌ مسلماتٌ عليهن فقلن ذكرتن ولم نذكر ولو كان فينا خيراً ذكرنا فنزلت هذه الآية { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ } يعني: المسلمين من الرجال والمسلمات من النساء { وَٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني: المصدقين الموحدين من الرجال { وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ } يعني: المصدقات الموحدات من النساء { وَٱلْقَـٰنِتِينَ } يعني: المطيعين وأصل القنوت القيام ثم يكون للمعاني ويكون للطاقة كقوله { وَٱلْقَـٰنِتِينَ } - ويكون للإقرار بالعبودية كقوله: { { كُلٌّ لَّهُ قَـٰنِتُونَ } [البقرة: 116 والروم: 26] { وَٱلْقَـٰنِتَـٰتِ } أي: المطيعات من النساء { وَٱلصَّـٰدِقِينَ } يعني: الصادقين في إيمانهم من الرجال { وَٱلصَّـٰدِقَـٰتِ } من النساء { وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرٰتِ } على أمر الله تعالى من الرجال والنساء { وَٱلْخَـٰشِعِينَ وَٱلْخَـٰشِعَـٰتِ } يعني: المتواضعين من الرجال والنساء { وَٱلْمُتَصَدّقِينَ وَٱلْمُتَصَدّقَـٰتِ } يعني: المنفقين أموالهم في طاعة الله من الرجال والنساء { وٱلصَّـٰئِمِينَ وٱلصَّـٰئِمَـٰتِ } قال مقاتل: من صام رمضان وثلاثة أيام من كل شهر فهو من الصائمين والصائمات ثم قال: { وَٱلْحَـٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَـٰفِـظَـٰتِ } يعني: من الفواحش من الرجال والنساء { وَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ } يعني: باللسان من الرجال والنساء فذكر أعمالهم ثم ذكر ثوابهم فقال: { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً } في الدنيا لذنوبهم { وَأَجْراً عَظِيماً } في الآخرة وهو الجنة قوله عز وجل: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } الآية وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لزينب بنت جحش الأسدية وهي بنت عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - أميمة بنت عبد المطلب: "إني أريد أن أزوجك من زيد بن حارثة" فقالت: يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أرفع قريش لأنني من قريش وابنة عمتك فنزل { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } يعني: ما جاز لمؤمن يعني زيد بن حارثة ولا مؤمنة يعني زينب بنت جحش { إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً } يعني: حكم حكماً في تزويجهما { أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } يعني: اختيار من أمرهم بخلاف ما أمر الله ورسوله قرأ حمزة والكسائي وعاصم: أن يكون بالياء بالتذكير وقرأ الباقون: بالتاء بلفظ التأنيث فمن قرأ بالتاء فلأن لفظ الخيرة مؤنث ومن قرأ بالياء فإنه ينصرف إلى المعنى ومعناهما الاختيار لتقديم الفعل { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِيناً } فلما سمعت زينب بنت جحش نزول هذه الآية قالت أطعتك يا رسول الله.