التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ
٣٥
فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ
٣٦
وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ
٣٧
وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ
٣٨
هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٣٩
وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ
٤٠

بحر العلوم

قوله عز وجل: { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكاً } أي أعطني ملكاً { لاَّ يَنبَغِى لأَحَدٍ مّن بَعْدِى } قال سعيد ابن جبير: أعطني ملكاً لا تسلبه كما سلبت في المرة الأولى، ويقال: إنما تمنى ملكاً لا يكون لأحد من بعده، حتى يكون ذلك معجزة له، وعلامة لنبوته { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } يعني المعطي الملك قوله عز وجل { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ } وكان من قبل ذلك لم تسخر له الريح، والشياطين، فلما دعا بذلك سخرت له الريح والشياطين، فقال: { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ } يعني بأمر سليمان ويقال بأمر الله تعالى { رُخَاء } يعني لينة مطيعة { حَيْثُ أَصَابَ } يعني حيث أراد من الأرض والنواحي، أصاب يعني أراد، وقال الأصمعي العرب تقول: أصاب الصواب فأخطأ الجواب، يعني أراد الصواب فأخطأ الجواب { وَٱلشَّيَـٰطِينَ } يعني سخرنا له كل شيء، وسخرنا له الشياطين أيضاً { كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ } يعني يغوصون في البحر ويستخرجون اللؤلؤ، وقال مقاتل: وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر { وَءاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ } يعني مردة الشياطين موثقين { فِى ٱلأَصْفَادِ } يعني في الحديد، ويقال: الأصفاد: الأغلال ثم قال عز وجل { هَـٰذَا عَطَاؤُنَا } يعني هذا عطاؤنا لك، وكرامتنا عليك { فَٱمْنُنْ } يعني اعتق من شئت منهم، فخل سبيله من الشياطين { أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } يعني احبس في العمل، والوثاق، والسلاسل من شئت منهم { بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي فلا تبعة عليك في الآخرة فيمن أرسلته، وفيمن حبسته، ويقال ليس عليك بذلك إثم { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } يعني لقربى { وَحُسْنُ مَـئَابٍ } يعني: حسن المرجع.