قال: { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ضُرٌّ } يعني إذا أصاب الكافر شدة في جسده { دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ } يعني مقبلاً إليه بدعائه { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مّنْهُ } قال مقاتل يعني أعطاه، وقال الكلبي يعني بدله عافية مكان البلاء { نَسِىَ } ترك الدعاء { مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } ويتضرع به { وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً } يعني يصف لله شريكاً { لّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو ليضل بنصب الياء وهو من ضل يضل، يعني ترك الهدى، وقرأ الباقون ليضل بالضم يعني ليضل الناس، ويقال ليضل نفسه بعبادة غير الله ويصرفهم عن سبيل الله يعني عن دين الله { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً } يعني عش في الدنيا مع كفرك قليلاً { إِنَّكَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ } يعني من أهل النار قوله عز وجل { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱللَّيْلِ سَـٰجِداً وَقَائِماً } وأصل القنوت هو القيام، ثم سمي المصلي قانتاً لأنه بالقيام يكون، ومعناه أمن هو مصل كمن لا يكون مصلياً، على وجه الإضمار، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال
"مثل المجاهد في سبيل الله، كمثل القانت القائم" يعني المصلي القائم قرأ ابن كثير ونافع وحمزة (أمن) بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد، فمن قرأ بالتخفيف فقد روي عن الفراء أنه قال: معناه يا من هو قانت كما تقول في الكلام فلان لا يصوم ولا يصلي فيا من يصلي ويصوم أبشر فكأنه قال يا من هو قانت أبشر ومن قرأ بالتشديد فإنَّه يريد به معنى الذي، ومعناه الذي هو من أصحاب النار، فهذا أفضل، أم الذي هو قانت آناء الليل، يعني ساعات الليل في الصلاة ساجداً وقائماً في الصلاة { يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ } يعني يخاف عذاب الآخرة { وَيَرْجُواْ رَّحْمَةِ رَبّهِ } يعني مغفرة الله تعالى { قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ } وهم المؤمنون { وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } وهم الكفار، في الثواب والطاعة، ويقال قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ يعني يصدقون بما وعد الله في الآخرة من الثواب وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ يعني لا يصدقون، ويقال معناه قل هل يستوي العالم والجاهل، فكما لا يستوي العالم والجاهل، كذلك لا يستوي المطيع والعاصي، { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو ٱلأَلْبَـٰبِ } يعني يعتبر في صنعي وقدرتي من له عقل وذهن قوله عز وجل { قُلْ يٰعِبَاد ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } يعني أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } يعني اخشوا ربكم في صغير الأمور وكبيرها واثبتوا على التوحيد ثم قال: { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } يعني لمن عمل بالطاعة في الدنيا حسنة، له الجنة في الآخرة ويقال: للذين أحسنوا يعني شهدوا أن لا إلٰه إلاَّ الله في الدنيا حسنة يعني لهم الجنة في الآخرة، ويقال للذين أحسنوا أي ثبتوا على إيمانهم فلهم الجنة قوله { وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ } قال مقاتل يعني الجنة واسعة، وقال الكلبي وأرض الله واسعة يعني المدينة فتهاجروا فيها، يعني انتقلوا إليها واعملوا لآخرتكم، { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ } يعني هم الذين يصبرون على الطاعة لله في الدنيا، جزاؤهم وثوابهم على الله { بِغَيْرِ حِسَابٍ } يعني بلا عدد ولا انقطاع، وروى سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جندب بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "أنا فرطكم على الحوض قال سفيان: لما نزل { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } [الأنعام: 160] قال النبي - صلى الله عليه وسلم - رب زد أمتي فنزل: { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّاْئَةُ حَبَّةٍ } [البقرة: 261] قال رب زد أمتي فنزل { مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } [البقرة: 245] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - رب زد أمتي فنزل: { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }" فانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.