التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً
١٠٣
وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٠٤
-النساء

بحر العلوم

ثم قال عز وجل { فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَـٰوةَ } قال بعضهم: فإذا فرغتم من الصلاة، { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } بالقلب واللسان على أي حال كنتم { قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ } إن لم تستطيعوا القيام، ويقال: فإذا قضيتم الصلاة، أي إذا صليتم في دار الحرب، فصلوا على الدواب، أو قياماً، أو قعوداً، أو على جنوبكم، إن لم تستطيعوا القيام، إذا كان خوفاً، أو مرضاً، وهذا كما قال في آية أُخرى: { { فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا } [البقرة: 239]. يقال: { { فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَـٰوةَ } [النساء: 103] أي فرغتم من صلاة الخوف. { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } أي فصلوا لله، وصلاة الصحيح قياماً، والمريض قاعداً، أو على جنوبكم إن كان المرض أشد من ذلك. ثم قال تعالى: { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ } يقول: أمنتم، ورجعتم إلى منازلكم، { فَإِذَا قَضَيْتُمُ } يعني: فأتموا الصلاة أربعاً، وهذا كقوله: { { يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ } [الإسراء: 95] أي مطمئنين. ثم قال: { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } يعني فرضاً مفروضاً، معلوماً للمسافر ركعتان، وللمقيم أربع، وقال مقاتل: { كِتَـٰباً مَّوْقُوتاً } يعني فريضة معلومة كقوله { كُتِبَ عَلَيْكُمُ } [البقرة: 178 وغيرها] أي فرض عليكم. وقال الزجاج: { كِتَـٰباً مَّوْقُوتاً } أي مفروضاً موقتاً فرضه. قوله تعالى { وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَاء ٱلْقَوْمِ } يقول: لا تضعفوا في ابتغاء القوم، أي في طلب المشركين أبي سفيان وأصحابه بعد يوم أُحد، وذلك أن المسلمين، لما أصابتهم الجراحات يوم أُحد، وكانوا يضعفون عن الخروج إلى الجهاد، فأمرهم الله تعالى بأن يظهروا من أنفسهم الجد والقوة، وهذا الخطاب لهم، ولجميع المسلمين الغزاة إلى يوم القيامة، قوله: { إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ }. قال عكرمة: الألم: الوجع، وكذلك قال الضحاك والسدي: إن أصابكم الوجع والجراحات في الحرب { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ } أي، يصيبهم الوجع مثل ما يصيبكم، ولكم زيادة ليست للمشركين وذلك قوله تعالى: { وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ } يعني الثواب في الآخرة { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بما كان { حَكِيماً } بما يكون.