التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وَٱلأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ بِإِذْنِيِ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
١١٠
-المائدة

بحر العلوم

{ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ } بالنبوة، وهذا في الآخرة { وَعَلَىٰ وٰلِدَتِكَ }. ثم بين النعمة التي أنعم الله عليه في الدنيا قال: { إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } يعني أعنتُك بجبريل - عليه السلام - و { تُكَلّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً } يعني بعد ثلاثين سنة حين أوحى الله إليه. قال الكلبي: فمكث في رسالته ثلاثين شهراً ثم رفعه الله ويقال: أُوحي إليه وهو ابن ثلاثين سنة ومكث في الرسالة ثلاث سنين ورفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. قال: { وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ } يعني الخط بالقلم، والحكمة يعني الفقه والفهم { وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا } وقال في موضع آخر: { فَأَنفُخُ فِيهِ } [عمران: 49] بلفظ التذكير لأنه انصرف إلى الطير وقال ها هنا (فتنفخ فيها) بلفظ التأنيث لأنه انصرف إلى الهيئة المتخذة. ويقال: فيها يعني في الطين { فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي }. قرأ نافع: (طائراً) بالألف وقرأ الباقون: طيراً { وَتُبْرِىء ٱلأَكْمَهَ وَٱلأَبْرَصَ بِإِذْنِي. وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ بِإِذْنِي } يعني تحيي الموتي بإذني يعني أحييته بدعائك. وروي عن وهب بن منبه أنه قال: التقى عيسى ابن مريم عليه السلام وإبليس على عقبة من عقبات بيت المقدس فقال له إبليس أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلم الناس في المهد صبياً وأنك أحييت الموتى وتبرىء الأكمه والأبرص فقال عيسى عليه السلام: بل العظيم الذي بإذنه أحييت الموتى وهو الذي أنطقني فقال إبليس: أنت إله الأرض فقال عيسى - عليه السلام -: بل إله الأرض والسماء واحد فكان في ذلك حتى جاءه جبريل وضربه بجناحه وألقاه في لجج البحار. ثم قال: { وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرٰءِيلَ عَنكَ } إذ هموا بقتلك { إِذْ جِئْتَهُمْ بِٱلْبَيّنَـٰتِ } يعني بالعلامات والعجائب { فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }. يعني سحر ظاهر. قرأ حمزة والكسائي: (ساحر) بالألف. وقرأ الباقون: (سحر) بغير ألف فمن قرأ بالألف يعني هذا رجل ساحر، ومن قرأ بغير ألف يعني هذا الفعل سحر، والاختلاف في أربع مواضع: ها هنا، وفي سورة يونس، وفي سورة هود، وفي سورة الصف، قرأ حمزة والكسائي في هذا كله: بالألف وقرأ أبو عمرو ونافع وابن عامر في هذا كله بغير ألف وقرأ عاصم وابن كثير: بغير ألف إلا في سورة يونس.