التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٣٨
فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٩
-المائدة

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَالسَّارِقُ والسَّارِقَةُ } بدأ بالرجل لأن السرقة في الرجال أكثر، وقال في الزنا: { ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي } بدأ بالنساء لأن الزنا في النساء أكثر، وهن الفاتنات للرجال { فَٱقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا } روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ: (فاقطعوا أيمانيهما) وغيره قرأ: أيديهما، واتفقوا أن المراد به اليمين من الكرسوع: نزلت الآية في «طعْمَة بن أُبَيْرق»، ثم صارت الآية عامة في جميع السُّرَّاق. وقال بعضهم: إذا سرق قليلاً أو كثيراً يجب القطع واحتج لظاهر الآية. روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده" . وروي عن ابن الزبير أنه قطع في نعل ثمنه درهم، وقال: لو سرق خيطاً لقطعته. وقال بعضهم: لا يقطع في أقل من ثلاثة دراهم أو ربع دينار فصاعداً والاختيار عند علمائنا رحمهم الله: أن اليد لا تقطع في أقل من عشرة دراهم وبه جاءت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة رضي الله عنهم. قرأ بعضهم (السارق والسارقة) بالنصب وكذلك قوله: (الزانية والزاني) بالنصب، وإنما جعله نصباً لوقوع الفعل عليه - وهو شاذ من القراءة والقراءة المعروفة بالرفع.

وروي عن محمد بن يزيد المبرد أنه قال: رفعه بالابتداء لأن القصد ليس إلى واحد من السراق بعينه [والزناة بعينه] إنما هو كقولك: من سرق فاقطعوا يده، ومن زنا فاجلدوه. ثم قال: { جَزَاءً بِمَا كَسَبَا } يعني عقوبة لهما بما سرقا { نَكَـٰلاً } يعني عقوبة { مِنَ ٱللَّهِ } جزاء: صار نصباً لأنه مفعول له يعني جزاء بجزاء فعلهما ثم قال: { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } حكم على السارق بقطع اليد. ثم قال عز وجل: { فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ } يعني من بعد سرقته { وَأَصْلَحَ } العمل بعد السرقة { فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ } يعني: يتجاوز عنه { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لما سلف من ذنبه { رَّحِيمٌ } به بعد التوبة يعني إذا تاب ورد المال لا تقطع يده.