التفاسير

< >
عرض

وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً
١
فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً
٢
فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً
٣
فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً
٤
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ
٥
وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ
٦
وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ
٧
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ
٨
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
٩
-الذاريات

بحر العلوم

قوله تعالى { وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً } أقسم الله عز وجل بالرياح إذا أذرت ذرواً، وروى يعلى بن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال الرياح ثمانية أربعة منها رحمة وأربعة منها عذاب فالرحمة منها الناشرات والمبشرات والذاريات والمرسلات وأما العذاب العاصف والقاصف والصرصر والعقيم وعن أبي الطفيل قال شهدت علياً رضي الله عنه وهو يخطب ويقول سلوني عن كتاب الله عز وجل فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أنزلت بالليل أم بالنهار فسأله ابن الكواء فقال: له ما الذاريات ذرواً قال الرياح قال { فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } قال السحاب قال فما { فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } قال السفن جرت بالتسيير على الماء { فَٱلْمُقَسّمَـٰتِ أَمْراً } قال الملائكة وعن ابن عباس رضي الله عنه قال والذاريات الرياح قال ما ذرت الريح فالحاملات وقراً يعني السحاب الثقال الموقرة من الماء فالجاريات يسراً يعني السفن جرت بالتسيير على الماء فالمقسمات أمراً يعني أربعة من الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت لكل واحد منهم أمر مقسوم وهم المدبرات أمراً أقسم الله تعالى بهذه الآية { إِنَّمَا تُوعَدُونَ } يعني الذي توعدون من قيام الساعة { لَصَـٰدِقٌ } يعني لكائن، ويقال في الآية مضمر فأقسم الله تعالى برب الذاريات يعني ورب الرياح الذاريات ورب السحاب الحاملات ورب السفن الجاريات ورب الملائكة المقسمات إنما توعدون لصادق { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَاقِعٌ } يعني المجازات على أعمالهم لواقع ثم بين في آخر الآية ما لكل فريق من الجزاء فبين جزاء أهل النار أنهم يفتنون وبين جزاء المتقين أنهم في جنات وعيون ثم قال عز وجل { وَٱلسَّمَاء ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } أقسم بالسماء ذات الحسن والجمال وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعني ذات الخلق الحسن وقال مجاهد المتقن من البنيان يعني البناء المحكم ويقال الحبك يعني ذات الطرائق ويقال للماء القائم إذا ضربته الريح فصارت فيه الطرائق له حبك وكذلك الرمل إذا هبت عليه الريح فرأيت فيه كالطرائق فبذلك حبك قوله تعالى { إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } يعني متناقض مرة قالوا ساحراً ومرة قالوا مجنون والساحر عندهم من كان عالماً غاية في العلم، والمجنون من كان جاحداً غاية في الجهل فتحيروا فقالوا مرة مجنون ومرة ساحر ويقال إنكم لفي قول مختلف يعني مصدقاً ومكذباً يعني يؤمن به بعضهم ويكفر به بعضهم ثم قال عز وجل: { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } يعني يصرف عنه من صرف وذلك إن أهل مكة أقاموا رجالاً على عقاب مكة يصرفون الناس فمنهم من يأخذ بقولهم ويرجع ومنهم من لا يرجع فقال يصرف عنه من قد صرفه الله عن الإيمان وخذله، ويقال يصرف عنه من قد صرفه يوم الميثاق، ويقال يصرف عنه من كان مخذولاً لم يكن من أهل الإيمان.