التفاسير

< >
عرض

قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ
١٠
ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
١١
يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ
١٢
يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ
١٣
ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ
١٤
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
١٥
آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ
١٦
كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ
١٧
وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
١٨
وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ
١٩
وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ
٢٠
وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ
٢١
وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
٢٢
-الذاريات

بحر العلوم

قال عز وجل: { قُتِلَ ٱلْخَرٰصُونَ } يعني لعن الكاذبون { ٱلَّذِينَ هُمْ فِى غَمْرَةٍ سَـٰهُونَ } يعني في جهالة وعمي وغفلة عن أمر الآخرة ساهون يعني لاهين عن الإيمان وعن أمر الله تعالى { يَسْـئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } يعني أي أوان يوم الحساب استهزاء منهم به فأخبر الله تعالى عن ذلك اليوم فقال { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } يعني بالنار يحرقون ويعذبون ويقول لهم الخزنة { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } يعني هذا العذاب الذي كنتم به تستهزئون يعني تستعجلون على وجه الاستهزاء ثم بين ثواب المتقين فقال عز وجل: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ } يعني في بساتين وأنهار قوله تعالى { ءاخِذِينَ مَا ءاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ } يعني قابضين ما أعطاهم ربهم من الثواب { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ } في الدنيا { مُحْسِنِينَ } بأعمالهم، قرأ عاصم آخذين نصب على الحال، ومعنى، في جنات وعيون في حال آخذين ما آتاهم ربهم ثم قال: { كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } يعني قليل من الليل ما ينامون وقال بعضهم كانوا قليلاً ثم الكلام، يعني مثل هؤلاء المتقين كانوا قليلاً ثم أخبر عن أعمالهم فقال من الليل ما يهجعون يعني لا ينامون بالليل كقوله: { { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَـٰماً } [الفرقان: 64] وقال الضحاك كانوا من النائمين وقال الحسن لا ينامون إلا قليلاً وقال الربيع بن أنس لا ينامون بالليل إلا قليلاً. { وَبِٱلأَسْحَـٰرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } يعني يصلون عند السحر، ويقال يصلون بالليل ويستغفرون عند السحر عن ذنوبهم { وَفِى أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ } يعني نصيب للفقراء { لَّلسَّائِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } السائل المسكين الذي يسأل الناس والمحروم المتعفف الذي لا يسأل الناس ويقال المحروم المحترف الذي لا يبلغ عيشه وقال الشعبي أعياني أن أعلم من المحروم روى سفيان عن ابن إسحاق عن قيس قال سألت ابن عباس من السائل والمحروم فقال السائل الذي يسأل والمحروم المحارب الذي ليس له سهم في الغنيمة وهكذا قال إبراهيم النخعي ومجاهد والربيع بن أنس وروى عكرمة عن ابن عباس قال المحروم الفقير الذي إذا خرج إلى الناس استعف ولم يعرف مكانه ولا يسأل الناس فيعطونه وقال الزجاج المحروم الذي لا ينمو له مال ويقال هي بالفارسية بي دولة يعني لا إقبال له قوله { وَفِى ٱلأَرْضِ ءايَـٰتٌ لّلْمُوقِنِينَ } يعني فيمن أهلك قبلهم لهم عبرة، ويقال فيها علامة وحدانية الله تعالى كأنه قال جعلت جميع الأشياء مرآتك لتنظر إليها وترى ما فيها ومراد النظر في المرآة رؤية من لم ير فكأنه قال وانظر في آيات صنعي لتعلم أفي صانع كمل الأشياء فإذا نظرت إلى النقش والنقش يدل إلى نقاشه وإذا نظرت إلى النفس وعجائب تركيبها يدل على خالقها، وإذا نظرت في الأرض فمختلف الأشياء عليها يدل إلى ربها وهي البحار والجبال والأنهار والأثمار { وَفِى أَنفُسِكُمْ } يعني وعلامة وحدانيته في أنفسكم { أَفلاَ تُبْصِرُونَ } يعني تتفكرون في خلق أنفسكم كيف خلقكم وهو قادر على أن يبعثكم. قوله عز وجل: { وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ } يعني من السماء يأتي سبب رزقكم وهو المطر، ويقال وعلى خالق السماء رزقكم { وَمَا تُوعَدُونَ } يعني ما توعدون من الثواب والعقاب والخير والشر قال مجاهد وما توعدون يعني الجنة والنار وهكذا قال الضحاك.