التفاسير

< >
عرض

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ
٥٤
وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٥٥
وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ
٥٦
مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ
٥٧
إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ
٥٨
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ
٥٩
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ
٦٠
-الذاريات

بحر العلوم

قال { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } يعني فأعرض عنهم يا محمد بعد ما بلغت الرسالة وأعذرت { فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ } يعني لا تلام على ذلك لأنك قد فعلت ما عليك { وَذَكِّرَ } يعني عظ أصحابك بالقرآن { فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني المصدقين تنفعهم العظة ويقال فعظ أهل مكة فإن الذكرى تنفع المؤمنين يعني من قدر لهم الإيمان ثم قال عز وجل { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } يعني ما خلقتهم إلا أمرتهم بالعبادة فلو أنهم خلقوا للعبادة لما عصوا طرفة عين وقال مجاهد: يعني ما خلقتهم إلا لآمرهم وأنهاهم ويقال إلا ليعبدون يعني إلا ليوحدون وهم المؤمنون وهم خلقوا للتوحيد والعبادة وخلق بعضهم لجهنم كما قال، { { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } [الأعراف: 179] فقد خلق كل صنف للأمر والنهي الذي يصلح له ثم قال { مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ } يعني ما خلقتهم لأن يرزقوا أنفسهم { وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } يعني لا أكلفهم أن يطعموا أحداً من خلقي وأصل هذا أن الخلق عباد الله وعياله فمن أطعم عيال رجل ورزقهم فقد رزقه إذا كان رزقهم عليه ثم قال { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ } يعني الرزاق لجميع خلقه { ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } يعني ذو القوة على أعدائه الشديد العقوبة لهم والمتين في اللغة الشديد القوي قرأَ الأعمش ذو القوة المتين بكسر النون جعله من نعت القوة وقراءة العامة بالضم ومعناه إن الله هو الرزاق وهو ذو القوة المتين قوله عز وجل { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني أشركوا وهم مشركو مكة { ذَنُوباً } يعني نصيباً من العذاب { مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَـٰبِهِمْ } يعني مثل نصيب أصحاب من عذاب الذين مضوا وأصل الذنوب في اللغة هو الدلو الكبير فكيف عنه لأنه تتابع يعني مثل عذاب الذين أهلكوا نحو قوم عاد وثمود وغيرهم { فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ } يعني بالعذاب لأن النضر ابن الحارث كان يستعجل بالعذاب فأمهله إلى يوم بدر ثم قتل في ذلك اليوم وصار إلى النار. قوله عز وجل { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ } يعني من عذاب يوم القيامة والويل الشدة من العذاب، يقال الويل واد في جهنم.