التفاسير

< >
عرض

أَمْ لَهُ ٱلْبَنَاتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ
٣٩
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ
٤٠
أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ
٤١
أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ
٤٢
أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٤٣
وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ
٤٤
فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ
٤٥
يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٤٦
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٧
وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ
٤٨
وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ
٤٩
-الطور

بحر العلوم

قال عز وجل: { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَـٰتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } ثم بين جهلهم. وقلة أحلامهم أنهم يجعلون لله ما يكرهون لأنفسهم ثم قال عز وجل { أَمْ تَسْـئَلُهُمْ أَجْراً } ومعناه أن الحجة واجبة عليهم من كل وجه لأنك قد أتيتهم بالبيان والبرهان ولم تسألهم على ذلك أجراً، فقال أم تسـألهم يعني: أتطلب منهم أجراً بما تعلمهم من الأحكام والشرائع { فَهُم مّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } يعني: من أجل المغرم يمتنعون عن الإيمان يعني: لا حجة لهم في الامتناع لأنك لا تسأل منهم أجراً فيثقل عليهم لأجل الأجر قوله عز وجل: { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ } يعني: عندهم الغيب بأن الله لا يبعثهم { فَهُمْ يَكْتُبُونَ } يعني: أمعهم كتاب يكتبون بما شاؤوا يعني: ما في اللوح المحفوظ فهذا كله لفظ الاستفهام والمراد به الزجر ثم قال عز وجل: { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } بل يريدون وعيداً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } يعني: بل هم المعذبون الهالكون قوله عز وجل: { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ } يعني: ألهم خالق غير الله يخلق ويرزق ويمنعهم من عذابنا { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } يعني: تنزيهاً لله تعالى عما يصفون من الشريك والولد ثم ذكر قسوة قلوبهم فقال { وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مّنَ ٱلسَّمَاء سَـٰقِطاً } يعني: جانباً من السماء ساقطاً عليهم { يَقُولُواْ } يعني: لقالوا من تكذيبهم { سَحَـٰبٌ مَّرْكُومٌ } يعني: متراكماً بعضه على بعض لأنهم كانوا يقولون لا نؤمن بك حتى تسقط علينا كسفاً ثم قال الله تعالى لو فعلنا ذلك لم يؤمنوا ولا ينفعهم من قسوة قلوبهم. ثم قال: { فَذَرْهُمْ } يعني: فتخل عنهم يا محمد { حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ } يعني: يعاينوا يومهم { ٱلَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ } يعني: يموتون ويقال يعذبون قرأ عاصم وابن عامر يصعقون بضم الياء والباقون يصعقون بنصب الياء وكلاهما واحد وهما لغتان ثم وصف حالهم في ذلك اليوم فقال: { يَوْمَ لاَ يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً } يعني: لا ينفعهم صنيعهم شيئاً { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } يعني: لا يمنعون مما نزل بهم من العذاب. ثم قال عز وجل: { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } يعني: من قبل عذاب النار، قد روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: عذاب القبر، وقال معمر عن قتادة قال عذاب القبر في القرآن ثم قرأ وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك، ويقال عذاباً دون ذلك يعني: القتل ويقال الشدائد والعقوبات في الدنيا { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني: لا يصدقون بالعذاب ثم عزى نبيه - صلى الله عليه وسلم - ليصبر على أذاهم فقال { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ } يعني: لما أمرك ربك ونهاك عنه، ويقال: واصبر على تكذيبهم وأذاهم { فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } يعني: فإنك بمنظر منا والله تعالى يرى أحوالك ولا يخفى عليه شيء، وقال الزجاج: فإنك بأعيننا بمعنى: فإنك بحيث نراك ونحفظك ولا يصلون إلى مكرك ويقال نرى ما يصنع بك { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ حِينَ تَقُومُ } يعني: صل بأمر ربك قبل طلوع الشمس يعني: صلاة الفجر وقبل الغروب يعني صلاة العصر { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } يعني: صل صلاة المغرب والعشاء ويقال: حين تقوم صلاة الفجر والظهر والعصر ومعناه صل صلاة النهار وصلاة الليل، ويقال: سبح بحمد ربك حين تقوم يعني: قل سبحانك اللهم وبحمدك إذا قمت إلى الصلاة وهذا قول ربيع بن أنس { وَإِدْبَـٰرَ ٱلنُّجُومِ } يعني: ركعتي الفجر وروى سعيد بن جبير، عن زاذان عن عمر رضي الله عنه لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر وهما إدبار النجوم وروى أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال إدبار السجود الركعتان بعد المغرب وإدبار النجوم الركعتان قبل الفجر وروى وكيع عن ابن عباس أنه قال بت ذات ليلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتي الفجر ثم خرج إلى الصلاة فقال ابن عباس الركعتان اللتان قبل الفجر إدبار النجوم واللاتي بعد المغرب بإدبار السجود وفي الآية دليل على أن تأخير صلاة الفجر أفضل لأنه أمر بركعتي الفجر بعد ما أدبرت النجوم، وإنما أدبرت النجوم بعد ما أسفر والله سبحانه وتعالى أعلم.