التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ
١٩
وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ
٢٠
أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ
٢١
تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ
٢٢
إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ
٢٣
أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ
٢٤
فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ
٢٥
وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ
٢٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ
٢٧
-النجم

بحر العلوم

قال عز وجل: { أَفَرَءيْتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلْعُزَّىٰ } قرأ مجاهد اللات بتشديد التاء. يقال كان رجلاً يلت السويق بالزيت ويطعم الناس، وقال السدي كان رجلاً يقوم على آلهتهم ويلت السويق لهم، ويقال كانت حجارة يعبدونها وينزل عندها رجل يبيع السويق ويلته فسميت تلك الحجارة باللات وقرأه العامة بغير تشديد، قال مقاتل وإنما سمي اللات والعزى لأنهم قالوا هكذا أسماء الملائكة وهم بناته فنزل { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ وَٱلأُنثَىٰ } وقال قتادة اللات كان لأهل الطائف والعزى لقريش ومناة للأنصار ويقال: إن المشركين أرادوا أن يجعلوا من آلهتهم من أسماء الحسنى فأرادوا أن يسموا الواحد منها الله فجرى على لسانهم اللات، وأرادوا أن يسموا الواحد منها العزيز فجرى على لسانهم العزى، وأرادوا أن يسموا الواحد منها المنان فجرى على لسانهم مناة، ويقال: إن العزى كانت نخلة بالطائف يعبدونها فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد حتى قطع تلك النخلة فخرجت منها امرأة تجر شعرها على الأرض فأتبعها بفأس فقتلها فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال "تلك العزى قتلها فلا تعبد العزى أبداً" ، ويقال: أول الأصنام كانت اللات ثم العزى ثم مناة وهو قوله أفرأيتم اللات والعزى { وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } يعني: أفرأيتم عبادتها تنفعهم في الآخرة ثم قال { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنثَىٰ } يعني: بني مدلج، ويعبدون الملائكة ويقولون هم بناته فيشفعوا لنا { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } أي: جائرة معوجة قرأ ابن كثير بهمز الألف والمد والباقون بغير همز ومعناهما واحد وهو اسم الصنم وقرأ ابن كثير ضئزى بالهمزة والباقون بغير همزة، ومعناهما واحد، يقال ضازه يضيزه إذا نقصه حقه يقال ضزت في الحكم أي جرت ثم قال { إِنْ هِىَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا } يعني: الأصنام { أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمُ } بالتقليد { مَّا أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ } يعني: من عذر وحجة لكم بما تقولون { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } يعني: ما يعبدون وما يتبعون إلا الظن ولا تعرفونها أنها يقيناً آلهة { وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ } يعني: يتبعون ما تشتهي أنفسهم وعبدوه وتركوا دين الله { وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } يعني: أتاهم الكتاب والرسول وبين لهم طريق الهدى ثم قال عز وجل: { أَمْ لِلإنسَـٰنِ مَا تَمَنَّىٰ } يعني: ما يتمنى بأن الملائكة تشفع له فيكون الأمر بتمنيه { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } يعني: ثواب الآخرة والأولى، ويقال: أهل السماوات وأهل الأرض كلهم عبيده، ويقال: له نفاذ الأمر في الآخرة والأولى، ويقال: جميع ما فيها يدل على وحدانيته ثم قال: { وَكَمْ مّن مَّلَكٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ لاَ تُغْنِى شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْئاً } يعني: لا تنقطع شفاعتهم رداً لقولهم إنهم يشفعون لنا ثم استثنى فقال { إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَىٰ } يعني: من كان معه التوحيد فيشفع له بإذن الله تعالى ثم قال { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } يعني: لا يصدقون بالبعث { لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنثَىٰ } باسم البنات وفيه تنبيه للمؤمنين لكي لا تقولوا مثل مقالتهم وزجراً للكافرين عن تلك المقالة.