التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ
٣٣
وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ
٣٤
أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ
٣٥
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ
٣٦
وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ
٣٧
أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ
٣٨
وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ
٣٩
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ
٤٠
ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ
٤١
وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ
٤٢
-النجم

بحر العلوم

قال: { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِى تَوَلَّىٰ } يعني: أعرض عن الحق وهو الوليد بن المغيرة ومن كان في مثل حاله { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً } يعني: وأنفق قليلاً من ماله { وَأَكْدَىٰ } يعني: هو أمسك عن النفقة قال مقاتل أنفق الوليد ابن المغيرة على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - نفقة قليلة ثم انتهى عن ذلك، وقال القتبي وأكدى أصله من كديه الدكية وهي الصلابة فيها فإذا بلغها الحافر يبس حفرها فقطع الحفرة يعني: تركها فقيل لمن طلب شيئاً ولم يدرك أخره وأعطى شيئاً. ولم يتم وأكدى ثم قال عز وجل: { أَعِنْدَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } يعني: أعنده علم الآخرة فهو يرى صنيعه، وقيل يعلم ما في اللوح المحفوظ فيرى صنيعه { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِى صُحُفِ مُوسَىٰ } يعني: ألم يخبر بما بين الله تعالى في صحف موسى، قال بعضهم: صحف موسى يعني: التوراة وقال بعضهم: هو كتاب أنزل عليه قبل التوراة { وَإِبْرٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } يعني: في كتاب إبراهيم الذي وفى يعني: بلغ الرسالة، ويقال: وفى بمعنى عمل ما أمر به وذلك أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعثمان إنك تنفق مالك فعن قريب تفتقر فقال عثمان إن لي ذنوباً فقال الوليد ادفع إلي بعض المال حتى أدفع ذنوبك فدفع إليه فأنزل الله تعالى أم لم ينبأ بما في صحف موسى يعني: ألم يبين الله تعالى في كتاب موسى وكتاب إبراهيم { أَلاَّ تَزِرُ وٰزِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } يعني: لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى، ويقال "وإبراهيم الذي وفى" يعني: بما ابتلاه الله تعالى بعشر كلمات ويقال بذبح الولد ويقال كان يصلي كل غداة أربع ركعات صلاة الضحى فسماه وفيا، ثم قال عز وجل: { وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَـٰنِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } يعني: ليس للإنسان في الآخرة إلا ما عمل في الدنيا من خير أو شر { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } يعني: يرى ثواب عمله في الآخرة قوله عز وجل: { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَاء ٱلأَوْفَىٰ } يعني: يعطى ثوابه كاملاً { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } يعني: إليه ينتهي أعمال العباد وإليه يرجع الخلق كلهم فهذا كله في مصحف موسى وإبراهيم.