التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ
٤٣
وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا
٤٤
وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ
٤٥
مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ
٤٦
وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ
٤٧
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ
٤٨
وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ
٤٩
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ
٥٠
وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ
٥١
وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ
٥٢
وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ
٥٣
فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ
٥٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ
٥٥
هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ
٥٦
أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ
٥٧
لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ
٥٨
-النجم

بحر العلوم

قال: { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } يعني: أضحك أهل الجنة في الجنة قال وأبكى أهل النار في النار، ويقال أضحك في الدنيا أهل النعمة، وأبكى أهل الشدة والمعصية { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } يعني: يميت في الدنيا ويحيي في الآخرة للبعث { وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ } يعني: اللونين والصنفين { ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ } يعني: تهراق في رحم الأنثى، وقال القتبي: من نطفة إذا تمنى يعني: تقدر وتخلق، ويقال ما تدري ما يمني لك الماني يعني: ما يقدر لك المقدر ثم قال عز وجل: { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخرَىٰ } يعني: البعث بعد الموت، يعني: ذلك إليه وبيده وهو قادر على ذلك فاستدل عليهم بالفعل الآخر بالفعل الأول أنه خلقهم في الابتداء من النطفة، وهو الذي يحيهم بعد الموت { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } يعني: حول وأعطى المال وأقنى يعني أفقر، ويقال: أغنى يعني يعطي وأقنى يعني: يُرضي بما يُعطي، ويقال أغنى نفسه عن الخلق وأقنى يعني: أفقر الخلق إلى نفسه، وروى السدي عن أبي صالح أغنى بالمال وأقنى يعني: بالقنية، وقال الضحاك أغنى بالذهب وبالفضة والثياب، والمسكن وأقنى بالإبل والبقر والغنم والدواب، وقال عكرمة أغنى يعني: أرضى وأقنى يعني: وأقنع ثم قال: { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشّعْرَىٰ } يعني: وأن الله هو خالق الشعرى قال ابن عباس هو كوكب تعبده خزاعة يطلع بعد الجوزاء يقول الله تعالى وأنا ربها وأنا خلقتها فاعبدوني، ثم خوفهم فقال عز وجل: { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ } بالعذاب وهم قوم هود عليه السلام وكان بعدهم عاد آخر سواهم فلهذا سماهم عاد الأُولى، { وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَىٰ } يعني: قوم صالح عليه السلام فأهلكهم الله وما بقي منهم أحد قرأ نافع وأبو عمرو عاد الأولى - بحذف الهمزة وإدغام التنوين والباقون عادا بالتنوين الأولى بالهمزة وكلاهما جائز عند العرب وقرأ حمزة وعاصم رواية حفص وثمود بغير تنوين والباقون ثموداً بالتنوين قال أبو عبيد نقرأ بالتنوين مكان الألف الثانية في المصحف ثم قال: { وَقَوْمَ نُوحٍ مّن قَبْلُ } يعني: أهلكنا قوم نوح من قبل عاد وثمود { إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } يعني: أشد في كفرهم وطغيانهم لأنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فدعاهم فلم يجيبوا وكان الآباء يوصون الأبناء بتكذيبه ثم قال عز وجل: { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } يعني: مدينة قوم لوط وسماها مؤتفكة لأنها ائتفكت أي انقلبت أهوى أي أسقط ويقال: المؤتفكة يعني: المكذبة أهوى يعني: أهوى من السماء إلى الأرض وذلك أن جبريل عليه السلام حيث قلع تلك المدائن فرفعها إلى قريب من السماء ثم قلبها وأهواها إلى الأرض { فَغَشَّـٰهَا مَا غَشَّىٰ } يعني: فغشاها من الحجارة ما غشى كقوله { { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } [الحجر: 74] ثم قال: { فَبِأَىّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ } يعني: بأي نعمة من نعماء ربك تتجاحد أيها الإنسان بأنها ليست من الله تعالى قوله عز وجل: { هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } يعني: محمداً - صلى الله عليه وسلم - نذير مثل النذر الأولى يعني: رسولاً مثل الرسل الأولى مثل نوح وهود وصالح صلوات الله عليهم وقد خوفهم الله ليحذروا معصيته ويتبعوا ما أمرهم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } يعني: دنت القيامة. { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } يعني: ليس للساعة من دون الله كاشفة عن علم قيامها، وهذا كقوله { { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } [الأعراف:187].