التفاسير

< >
عرض

وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ
١
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ
٢
وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ
٣
إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ
٤
عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ
٥
ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ
٦
وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ
٧
ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ
٨
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ
٩
-النجم

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } قال ابن عباس رضي الله عنه - أقسم الله تعالى بالقرآن إذا نزل نجوماً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقتاً بعد وقت الآية والآيتان والسورة والسورتان وكان بين أوله وآخره إحدى وعشرون سنة، قال مجاهد: أقسم الله بالثريا إذا غابت وسقطت والعرب تسمي الثريا نجماً ويقال أقسم بالكواكب المضيئة ويقال أقسم بجميع الكواكب { مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ } وذلك أن قريشاً قالوا له قد تركت دين آبائك، وخرجت من الطريق وتقول شيئاً من ذات نفسك فنزل: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ، مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ } يعني: ما ترك دين أبيه إبراهيم { وَمَا غَوَىٰ } يعني: لم يضل قوماً، والغاوي والضال واحد يقال: الضلال قبل البيان والفساد بعد البيان، قرأ حمزة والكسائي إذا هوى وما غوى كله بالإمالة في جميع السورة، وقرأ نافع وأبو عمرو بين الإمالة والفتح في جميع السورة والباقون بالتخفيف وكل ذلك جائز في اللغة ثم قال { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } يعني: ما ينطق بهذا القرآن بهوى نفسه، والعرب تجعل عن مكان الباء تقول رميت عن القوس أي بالقوس وما ينطق عن الهوى أي بالهوى { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ } يعني: ما هذا القرآن إلا وحي يوحى إليه { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } يعني: أتاه جبريل عليه السلام وعلمه وهو شديد القوى وأصله في اللغة من قوى الجبل وهو طاقاته والواحد قوة ويقال علمه شديد القوى يعني الله تعالى يعلمه بالوحي وهو ذو القوة المتين قوله عز وجل: { ذُو مِرَّةٍ } يعني: ذي قوة وأصل المرة القتل فيعبر به عن القوة ومنه الحديث "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي" ثم قال عز وجل: { فَٱسْتَوَىٰ } يعني: جبريل عليه السلام ويقال فاستوى يعني: محمداً - صلى الله عليه وسلم - { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } يعني: من قبل مطلع الشمس جبريل فرآه على صورته، وله جناحان أحدهما بالمشرق، والآخر بالمغرب { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكل ما دنا منه، انتقص حتى إذا قرب منه مقدار قوسين رآه كما رآه في سائر الأوقات حتى لا يشك جبريل { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ } يعني: في القرب مقدار قوسين وقال بعضهم: يعني: ليلة المعراج دنا من العرش مقدار قوسين وإنما ذكر القوسين لأن القرآن نزل بلغة العرب، والعرب تجعل مساحة الأشياء بالقوس ويقال: فكان قاب قوسين يعني: قدر ذراعين وإنما سمي الذراع قوساً لأنه تقاس به الأشياء. { أَوْ أَدْنَىٰ } يعني: بل أدنى، ويقال أو بمعنى واو العطف يعني: مقدار قوسين أو أقرب من ذلك.