التفاسير

< >
عرض

ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ
١
وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ
٢
وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ
٣
وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ
٤
-القمر

بحر العلوم

قوله تعالى: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } يعني دني قيام الساعة لأن خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - كان من علامات الساعة { وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } وذلك أن أهل مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علامة لنبوته فانشق القمر نصفين، وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانشق القمر نصفين فرأيت حراء بين فلقتي القمر أي شقتي القمر، وعن جبير بن مطعم قال انشق القمر ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة وروى قتادة عن أنس قال سأل أهل مكة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية فانشق القمر بمكة وقال بعضهم اقتربت الساعة وانشق القمر يعني تقوم الساعة وينشق القمر يوم القيامة وأكثر المفسرين قالوا: إن هذا قد مضى، وقال عبد الله بن مسعود ما وعد الله ورسوله من أشراط الساعة كلها قد مضى إلا أربعة طلوع الشمس من مغربها، ودابة الأرض وخروج الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج ثم قال { وَإِن يَرَوْاْ ءايَةً يُعْرِضُواْ } يعني إذا رأوا آية من آيات الله مثل انشقاق القمر يعرضوا عنها ولا يتفكروا فيها { وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } يعني مصنوعاً سيذهب، ويقال معناه ذاهباً يذهب ثم التئام القمر وقال القتبي: سحر مستمر يعني شديد القوى، وهو من المرة وهو القتل وقال الزجاج في مستمر قولان قول: ذاهب وقول دائم وقال الضحاك لما رأى أهل مكة انشقاق القمر، وقال أبو جهل هذا سحر مستمر فابعثوا إلى أهل الآفاق حتى ينظروا إذا رأوا القمر منشقاً أم لا فأخبر أهل الآفاق أنهم رأوه منشقاً قالوا: هذا سحر مستمر يعني استمر سحره في الآفاق قوله عز وجل { وَكَذَّبُواْ } يعني كذبوا بالآية وبقيام الساعة { وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ } في عبادة الأصنام { وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } يعني كل قول من الله له حقيقة منه في الدنيا سيظهر وما كان منه في الآخرة سيعرف يعني ما وعد لهم من العقوبة ويقال: معناه مستقر لأهل النار عملهم ولأهل الجنة عملهم يعني يعطي لكل فريق جزاء أعمالهم ثم قال { وَلَقَدْ جَاءهُم مّنَ ٱلأَنبَاء } يعني جاء لأهل مكة من الأخبار عن الأمم الخالية { مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } يعني ما فيه موعظة لهم وزجر عن الشرك والمعاصي.