التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٥
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ
٤٦
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٧
ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ
٤٨
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٩
فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ
٥٠
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥١
فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ
٥٢
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٣
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ
٥٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٥
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ
٥٦
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٧
كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ
٥٨
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٩
هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ
٦٠
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦١
-الرحمن

بحر العلوم

قال { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني هو الذي ينجيكم من عذاب الآخرة إن أطعتم أمره وآمنتم برسله فكيف تنكرون وحدانية الله تعالى؟ ويقال معناه إن إخباري إياكم بهذه العقوبة نعمة لكم لكي تنتهوا عن الكفر والمعاصي فلا تنكروا نعمتي عليكم فقد ذكر الله في هذه الآيات دفع البلاء ثم ذكر إيصال النعم لمن اتقاه وأطاع أمره فقال { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } يعني من خاف عند المعصية مقام يوم القيامة بين يدي ربه فانتهى عن المعصية فله في الآخرة جنتان يعني بستانان، وقال مجاهد هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله عندها فيدعها فله أجران.

وذكر عن الفراء أنه قال "جنتان" أراد به جنة واحدة وإنما ذكر "جنتان" للقوافي، والقوافي تحتمل الزيادة والنقصان ما لا يحتمل الكلام. وقال القتبي هذا لا يجوز لأن الله قد وعد ببستانين فلا يجوز أن يريد بهما واحداً فلو جاز هذا لجاز أن يقال في قوله تسعة عشر إنما هم عشرون ولكن ذكر للقوافي. ثم قال { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني بأي نعمة من نعماء الله تعالى تتجاحدان إذ جعل الجنة ثواب أعمالكم فكيف تنكرون وحدانية الله تعالى ونعمته قوله تعالى { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } يعني ذواتا ألوان يعني البساتين فيها ألوان من الثمرات ويقال ذواتا أغصان وقال الزجاج الأفنان ألوان وهي الأغصان أيضاً واحدها فَنَنٌ ثم قال { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني قد وُعِدْتُّمُ الجنة والراحة فكيف تنكرون وحدانيته ونعمته ثم قال عز وجل { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } يعني في البساتين نهران من ماء غير آسن أي غير متغير ثم قال { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني جعل الأنهار نزاهة لكم زيادة في النعمة فكيف تنكرون قدرة الله تعالى ونعمته ثم قال { فِيهِمَا مِن كُلِّ فَـٰكِهَةٍ زَوْجَانِ } يعني في هذين البستانين من كل لون من الفاكهة صنفان الحلو والحامض ويقال لونان { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني جعل فيهما من الراحة والنزاهة من كل نوع من الفاكهة فكيف تنكرون نعمته وقدرته قوله عز وجل { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ } يعني ناعمين على فرش { بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } هو الديباج الغليظ الأخضر بلغة فارس وقال مقاتل بطائنها يعني ظواهرها وذكر عن الفراء أنه قال بطائنها يعني الظهارة وقد تكون الظهارة بطانة والبطانة ظهارة لأن كل واحد منهما يكون وجهاً واحداً وقال القتبي هذا لا يصح ولكن ذكر البطانة تعليماً أن البطانة إذا كانت من استبرق فالظهارة تكون أجود وروي عن ابن عباس أنه سئل أن بطائنها من استبرق فما الظواهر؟ قال هو مما قال الله تعالى { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } ثم قال { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } يعني اجتناؤهما قريب إن شاء تناولهما قائماً وإن شاء تناولهما قاعداً وإن شاء متكئاً ثم قال { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني جعل لكم مجالس الملوك مع الفراش المرتفعة فكيف تنكرون وحدانية الله ونعمته ثم قال عز وجل { فِيهِنَّ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ } يعني في الجنان من الزوجات غاضات البصر قانعات بأزواجهن لا يشتهين غيرهم ولا ينظرون إلى غيرهم قوله تعالى { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ } يعني لم يمسسهن إنس { قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } يعني لا إنساً ولا جنياً { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني جعل لكم أزواجاً موافقة لطبعكم وهن لا يرون غيركم فكيف تنكرون الله تعالى؟ ثم وصف الزوجات فقال { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } يعني: في الصفاء كالياقوت، وفي البياض كالمرجان { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني جعلهن بحال تتلذذ أعينكم بالنظر إليهن فكيف تنكرون وحدانية الله تعالى ونعمته؟ ثم قال عز وجل { هَلْ جَزَاء ٱلإِحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإِحْسَـٰنُ } يعني هل جزاء التوحيد وهو قول لا إلٰه إلا الله إلا الجنة، ويقال هل جزاء من خاف مقام ربه إلا هاتان الجنتان التي ذكرناها في الآية ثم قال { فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني فكيف تنكرون نعمة ربكم حيث جعل ثواب إحسانكم الجنة وبين لكم لكي تحسنوا وتنالوا ثواب الله وإحسانه.