التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٢٣
هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٢٤
-الحشر

بحر العلوم

قال عز وجل: { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ } يعني: مالك كل شيء وهو الملك الدائم الذي لا يزول ملكه أبداً ثم قال القدوس يعني: الطاهر عما وصفه الكفار ولهذا سمي بيت المقدس يعني المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب ثم قال { ٱلسَّلَـٰمُ } يعني: يسلم عباده من ظلمه ويقال سمى نفسه سلاماً لسلامته مما يلحق الخلق من العيب والنقص والفناء ثم قال { ٱلْمُؤْمِنُ } يعني: يؤمن أولياؤه من عذابه، ويقال المؤمن أي يصدق في وعده ووعيده ويقال المؤمن يعني: قابل إيمان المؤمنين ثم قال: { ٱلْمُهَيْمِنُ } يعني: الشهيد على عباده بأعمالهم ويقال المهيمن يعني: المويمن فقلبت الواو هاء وهو بمعنى الأمين ثم قال { ٱلْعَزِيزُ } يعني: الذي لا يعجزه شيء عما أراد ويقال العزيز الذي لا يوجد مثله ثم قال { ٱلْجَبَّارُ } يعني: القاهر لخلقه على ما أراده، ويقال الغالب على خلقه ومعناهما واحد ثم قال { ٱلْمُتَكَبّرُ } يعني: المتعظم على كل شيء، ويقال المتكبر الذي تكبر عن ظلم عباده. ثم قال: { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ } يعني: تنزيهاً لله تعالى { عَمَّا يُشْرِكُونَ } يعني: عما وصفه الكفار من الشريك والولد، ويقال سبحان الله بمعنى التعجب يعني عجباً عما وصفه الكفار من الشريك قوله تعالى: { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَـٰلِقُ } يعني: خالق الخلق في أرحام النساء، ويقال خالق النطف في أصلاب الآباء المصور للولد في أرحام الأمهات ويقال الخالق يعني المقدر { ٱلْبَارِىءُ } الذي يجعل الروح في الجسد، ويقال الباريء يعني: خالق الأشياء ابتداء ثم قال: { ٱلْمُصَوّرُ } للولد في أصلاب الآباء { لَهُ ٱلأَسْمَاءُ ٱلْحُسْنَىٰ } يعني: الصفات العلى ويقال له الأسماء الحسنى وهي تسعة وتسعون اسماً مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "إِنَّ للَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسماً مائةً غيْرَ واحد من أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة" ثم قال { يُسَبّحُ لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعني: يخضع له ما في السماوات والأرض يعني: جميع الأشياء كقوله وإن من شيء إلا يسبح بحمده ثم قال { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } يعني: العزيز في ملكه الحكيم في أمره فإن قال قائل قد قال الله تعالى { فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ } فما الحكمة في أنه نهى عباده عن مدح أنفسهم ومدح نفسه قيل له عن هذا السؤال جوابان - أحدهما - أن العبد وإن كان فيه خصال الخير فهو ناقص وإن كان ناقصاً لا يجوز له أن يمدح نفسه والله سبحانه وتعالى: تام الملك والقدرة فيستوجب به المدح فمدح نفسه ليعلم عباده فيمدحوه، وجواب آخر أن العبد وإن كان فيه خصال الخير فتلك الخصال أفضال من الله تعالى ولم يكن ذلك بقدرة العبد فلهذا لا يجوز له أن يمدح نفسه والله سبحانه وتعالى إنما قدرته وملكه له ليس لغيره فيستوجب به المدح ومثال هذا أن الله تعالى نهى عباده أن لا يمنوا على أحد بالمعروف وقد من الله تعالى على عباده للمعنى الذي ذكرناه في المدح والله أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.