التفاسير

< >
عرض

وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ
١٢٠
وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
١٢١
-الأنعام

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَذَرُواْ ظَـٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ } يعني زنا السر والعلانية لأن أهل الجاهلية كانوا يحرمون الزنا في العلانية ولا يرون به بأساً في السر فأخبر الله تعالى: أن الزنا حرام في السر والعلانية ويقال: ظاهر الإثم: وهو الزنا، وباطنه القُبْلة واللَّمس والنظر. وقال الضحاك: { ظَـٰهِرَ ٱلإِثْمِ } الزنا { وَبَاطِنَهُ }: نكاح الأمهات والأخوات وقال قتادة: { ظَـٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ } يعني قليله وكثيره. ويقال: ظاهره: إرتكاب المعاصي، وباطنه: ترك الفرائض. ويقال: باطنه: الرياء في الأعمال ويقال الكفر. ويقال جميع المعاصي. { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ } يقول: يعملون الفواحش ويتكلمون بها { سَيُجْزَوْنَ بِمَا يَقْتَرِفُونَ } سيعاقبون بما كانوا يكسبون من الإثم. قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي: وإن كثيراً ليُضلون بأهوائهم بضم الياء، يعني يضلون الناس. وقرأ الباقون: (ليَضِلُّون) بنصب الياء، يعني يَضلون بأنفسهم. قوله تعالى: { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } يعني ما لم يُذَك ولم يذبح، أو ذبح بغير اسم الله { وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } يعني أكله معصية واستحلاله كفر { وَإِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ } يعني يوسوسون إلى أوليائهم من المشركين { لِيُجَـٰدِلُوكُمْ } يقول: ليخاصموكم في أكل الميتة وهو قولهم: ما قتله الله فهو أولى أن يؤكل. وروي عن عبد الله بن الزبير أنه قيل له: إن المختار يقول: يوحى إلي فقال: صَدَق، وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم. قال الفقيه، قال: حدثنا أبو الفضل بن أبي [حفص]، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال المشركون للمسلمين: ما قتل ربكم ومات فلا تأكلوه وما قتلتم أنتم وذبحتم فتأكلوه فأوحى الله تعالى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ... } إلى قوله { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ } يعني في أكل الميتة واستحلاله { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } مثلهم ففي الآية دليل: أن من استحل شيئاً مما حرم الله تعالى صار مشركاً.