{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ }. قال الكلبي: يعني حبسوا على النار وقال مقاتل يعني عرضوا على النار. وقال الضحاك: يعني جمعوا على أبوابها ويقال: وقفوا على متن جهنم والنار تحتهم. وروي في الخبر: أن الناس كلهم وقفوا على متن جهنم، كأنها متن الأهالة ثم نادى مناد، خذي أصحابك ودعي أصحابي. ثم قال: { فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ } إلى الدنيا ولم يذكر في الآية الجواب لأن في الكلام ما دل عليه فكأنه يقول: ولو ترى يا محمد كفار قريش حين وقفوا على النار لعجبت من ذلك فقالوا: يا ليتنا نرد إلى الدنيا { وَلاَ نُكَذّبَ بِـآيَـٰتِ رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قرأ حمزة وابن عامر وعاصم في رواية حفص: (ولا نكذب [بالنصب (ونكون) بالنصب. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وعاصم في رواية أبي بكر: (ولا نكذب)] ونكون) كلاهما بالضم على معنى الخبر. ومن قرأ بالنصب فلأنه جواب التمني وجواب التمني إذا كان بالواو والفاء يكون بالنصب كقولك: ليتك تصير إلينا ونكرمك. وقرأ بعضهم: (ولا نكذبُ) بالضم و(ونكونَ) بالنصب في رواية هشام بن عمار عن ابن عامر. وقرأ عبد الله بن مسعود: (فلا نكذب) بالفاء. قوله تعالى: { بَلْ بَدَا لَهُمْ } يعني ظهر لهم { مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } بألسنتهم لأن الجوارح تشهد عليهم بالشرك، فحينئذ يتمنون الرجعة { وَلَوْ رُدُّواْ } إلى الدنيا { لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } يعني رجعوا إلى كفرهم { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } في قولهم: { وَلاَ نُكَذّبَ بِـآيَـٰتِ رَبّنَا } لأنهم قد علموا في الدنيا وعاينوه وقد عاين إبليس وشاهد، ومع ذلك كفر وكذلك ها هنا لو رجعوا لكفروا كما كفروا من قبل: لأنك ترى في الدنيا إنساناً أصابه مرض أو حبس في السجن أخلص بالتوبة لله تعالى أن لا يرجع إلى الفسق فإذا برأ من مرضه أو أطلق من الحبس رجع إلى الحال الأول.